Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
فهذا أحد وجهيه، والوجه الآخر منهما أن يكونا أمرا بأن يطهرا مكان البيت قبل بنيانه والبيت بعد بنيانه مما كان أهل الشرك بالله يجعلونه فيه على عهد نوح ومن قبله من الأوثان، ليكون ذلك سنة لمن بعدهما، إذ كان الله تعالى ذكره قد جعل إبراهيم إماما يقتدي به من بعده. كما: حدثني يونس، قال: أخبرنا ابن وهب، قال: قال ابن زيد في قوله: { أن طهرا } قال: من الأصنام التي يعبدون التي كان المشركون يعظمونها. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا سفيان، عن ابن أبي نجيح، عن عطاء، عن عبيد بن عمير: { أن طهرا بيتي للطائفين } قال: من الأوثان والريب. حدثني المثنى، قال: ثنا أبو نعيم، قال: حدثنا سفيان، عن ابن جريج، عن عطاء، عن عبيد بن عمير، مثله. حدثني أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا سفيان، عن ليث، عن مجاهد، قال: من الشرك. حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد، قال: ثنا أبو إسرائيل، عن أبي حصين، عن مجاهد: { طهرا بيتي للطائفين } قال: من الأوثان. حدثنا الحسن بن يحيى، قال: أخبرنا عبد الرزاق، قال: أخبرنا معمر، عن قتادة في قوله: { طهرا بيتي للطائفين } قال: من الشرك وعبادة الأوثان. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة بمثله، وزاد فيه: وقول الزور. القول في تأويل قوله تعالى: { للطائفين }. اختلف أهل التأويل في معنى الطائفين في هذا الموضع، فقال بعضهم: هم الغرباء الذين يأتون البيت الحرام من غربة. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا أبو حصين، عن سعيد بن جبير في قوله: { للطائفين } قال: من أتاه من غربة. وقال آخرون: بل الطائفون هم الذين يطوفون به غرباء كانوا أو من أهله. ذكر من قال ذلك: حدثنا محمد بن العلاء، قال: ثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن عطاء: { للطائفين } قال: إذا كان طائفا بالبيت، فهو من الطائفين. وأولى التأويلين بالآية ما قاله عطاء لأن الطائف هو الذي يطوف بالشيء دون غيره، والطارىء من غربة لا يستحق اسم طائف بالبيت إن لم يطف به. القول في تأويل قوله تعالى: { والعاكفين }. يعني تعالى ذكره بقوله: { والعاكفين } والمقيمين به، والعاكف على الشيء: هو المقيم عليه، كما قال نابغة بني ذبيان:
عكوفا لدى أبياتهم يثمدونهم
رمى الله في تلك الأكف الكوانع
وإنما قيل للمعتكف معتكف من أجل مقامه في الموضع الذي حبس فيه نفسه لله تعالى. ثم اختلف أهل التأويل فيمن عنى الله بقوله: { والعاكفين } فقال بعضهم: عنى به الجالس في البيت الحرام بغير طواف ولا صلاة.
ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن عطاء، قال: إذا كان طائفا بالبيت فهو من الطائفين، وإذا كان جالسا فهو من العاكفين. وقال بعضهم: العاكفون هم المعتكفون المجاورون. ذكر من قال ذلك: حدثنا أحمد بن إسحاق، قال: ثنا أبو أحمد الزبيري، قال: ثنا شريك، عن جابر، عن مجاهد وعكرمة: { طهرا بيتي للطائفين والعاكفين } قال: المجاورون. وقال بعضهم: العاكفون هم أهل البلد الحرام. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا أبو بكر بن عياش، قال: ثنا أبو حصين، عن سعيد بن جبير في قوله: { والعاكفين } قال: أهل البلد. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد بن زريع، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { والعاكفين } قال: العاكفون: أهله. وقال آخرون: العاكفون: هم المصلون. ذكر من قال ذلك: حدثنا القاسم، قال: ثنا الحسين، قال: حدثني حجاج، عن ابن جريج، قال: قال ابن عباس في قوله: { طهرا بيتي للطائفين والعاكفين } قال: العاكفون: المصلون. وأولى هذه التأويلات بالصواب ما قاله عطاء، وهو أن العاكف في هذا الموضع: المقيم في البيت مجاورا فيه بغير طواف ولا صلاة، لأن صفة العكوف ما وصفنا من الإقامة بالمكان. والمقيم بالمكان قد يكون مقيما به وهو جالس ومصل وطائف وقائم، وعلى غير ذلك من الأحوال فلما كان تعالى ذكره قد ذكر في قوله: { أن طهرا بيتي للطائفين والعاكفين والركع السجود } المصلين والطائفين، علم بذلك أن الحال التي عنى الله تعالى ذكره من العاكف غير حال المصلي والطائف، وأن التي عنى من أحواله هو العكوف بالبيت على سبيل الحوار فيه، وإن لم يكن مصليا فيه ولا راكعا ولا ساجدا. القول في تأويل قوله تعالى: { والركع السجود }. يعني تعالى ذكره بقوله: { والركع } جماعة القوم الراكعين فيه له، واحدهم راكع. وكذلك السجود هم جماعة القوم الساجدين فيه له واحدهم ساجد، كما يقال رجل قاعد ورجال قعود ورجل جالس ورجال جلوس فكذلك رجل ساجد ورجال سجود. وقيل: بل عنى بالركع السجود: المصلين. ذكر من قال ذلك: حدثنا أبو كريب، قال: حدثنا وكيع، عن أبي بكر الهذلي، عن عطاء: { والركع السجود } قال: إذا كان يصلي فهو من الركع السجود. حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة: { والركع السجود } أهل الصلاة. وقد بينا فيما مضى بيان معنى الركوع والسجود، فأغنى ذلك عن إعادته ههنا.
[2.126]
يعني تعالى ذكره بقوله: { وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا }: واذكروا إذ قال إبراهيم: رب اجعل هذا البلد بلدا آمنا، يعني بقوله: آمنا: آمنا من الجبابرة وغيرهم أن يسلطوا عليه، ومن عقوبة الله أن تناله، كما تنال سائر البلدان، من خسف، وانتقال، وغرق، وغير ذلك من سخط الله ومثلاته التي تصيب سائر البلاد غيره. كما: حدثنا بشر بن معاذ، قال: ثنا يزيد، قال: ثنا سعيد، عن قتادة، قال: ذكر لنا أن الحرم حرم بحياله إلى العرش، وذكر لنا أن البيت هبط مع آدم حين هبط، قال الله له: أهبط معك بيتي يطاف حوله كما يطاف حول عرشي فطاف حوله آدم ومن كان بعده من المؤمنين، حتى إذا كان زمان الطوفان حين أغرق الله قوم نوح رفعه وطهره ولم تصبه عقوبة أهل الأرض، فتتبع منه إبراهيم أثرا فبناه على أساس قديم كان قبله. فإن قال لنا قائل: أو ما كان الحرم آمنا إلا بعد أن سأل إبراهيم ربه له الأمان؟ قيل له: لقد اختلف في ذلك، فقال بعضهم: لم يزل الحرم آمنا من عقوبة الله وعقوبة جبابرة خلقه، منذ خلقت السموات والأرض. واعتلوا في ذلك بما: حدثنا أبو كريب، قال: ثنا يونس ابن بكير، عن محمد بن إسحاق، قال: حدثني سعيد بن أبي سعيد المقبري، قال: سمعت أبا شريح الخزاعي يقول: لما افتتحت مكة قتلت خزاعة رجلا من هذيل، فقام رسول الله صلى الله عليه وسلم خطيبا فقال:
" يا أيها الناس إن الله حرم مكة يوم خلق السموات والأرض، فهي حرام بحرمة الله إلى يوم القيامة لا يحل لامرىء يؤمن بالله واليوم الآخر أن يسفك بها دما، أو يعضد بها شجرا. ألا وإنها لا تحل ءلاحد بعدي ولم تحل لي إلا هذه الساعة عصى علي أهلها. ألا فهي قد رجعت على حالها بالأمس. ألا ليبلغ الشاهد الغائب، فمن قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد قتل بها، فقولوا: إن الله قد أحلها لرسوله ولم يحلها لك "
حدثنا أبو كريب، قال: ثنا عبد الرحيم بن سليمان، وحدثنا ابن حميد وابن وكيع، قالا: ثنا جرير جميعا، عن يزيد بن أبي زياد، عن مجاهد، عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لمكة حين افتتحها:
" هذه حرم حرمها الله يوم خلق السموات والأرض وخلق الشمس والقمر ووضع هذين الأخشبين، لم تحل ءلاحد قبلي، ولا تحل ءلاحد بعدي، أحلت لي ساعة من نهار "
Shafi da ba'a sani ba