Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
[الإسراء: 4] أي أعلمناهم بذلك وأخبرناهم به، ففرغنا إليهم منه. ومنه قول أبي ذؤيب:
وعليهما مسرودتان قضاهما
داود أو صنع السوابغ تبع
ويروى: «وتعاورا مسرودتين قضاهما».
ويعني بقوله: قضاهما: أحكمهما. ومنه قول الآخر في مدح عمر بن الخطاب رضي الله عنه:
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
بوائق في أكمامها لم تفتق
ويروى: «بوائج». وأما قوله: { فانما يقول له كن فيكون } فإنه يعني بذلك: وإذا أحكم أمرا فحتمه، فإنما يقول لذلك الأمر «كن»، فيكون ذلك الأمر على ما أمره الله أن يكون وأراده. فإن قال لنا قائل: وما معنى قوله: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون }؟ وفي أي حال يقول للأمر الذي يقضيه كن؟ أفي حال عدمه، وتلك حال لا يجوز فيها أمره، إذ كان محالا أن يأمر إلا المأمور، فإذا لم يكن المأمور استحال الأمر كما محال الأمر من غير آمر، فكذلك محال الأمر من آمر إلا لمأمور. أم يقول له ذلك في حال وجوده، وتلك حال لا يجوز أمره فيها بالحدوث، لأنه حادث موجود، ولا يقال للموجود: كن موجودا إلا بغير معنى الأمر بحدوث عينه؟ قيل: قد تنازع المتأولون في معنى ذلك ونحن مخبرون بما قالوا فيه، والعلل التي اعتل بها كل فريق منهم لقوله في ذلك: قال بعضهم: ذلك خبر من الله جل ثناؤه عن أمره المحتوم على وجه القضاء لمن قضى عليه قضاء من خلقه الموجودين أنه إذا أمره بأمر نفذ فيه قضاؤه، ومضى فيه أمره، نظير أمره من أمر من بني إسرائيل بأن يكونوا قردة خاسئين، وهم موجودون في حال أمره إياهم بذلك، وحتم قضائه عليهم بما قضى فيهم، وكالذي خسف به وبداره الأرض، وما أشبه ذلك من أمره وقضائه فيمن كان موجودا من خلقه في حال أمره المحتوم عليه. فوجه قائلوا هذا القول قوله: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون } إلى الخصوص دون العموم. وقال آخرون: بل الآية عام ظاهرها، فليس لأحد أن يحيلها إلى باطن بغير حجة يجب التسليم لها، وقال: إن الله عالم بكل ما هو كائن قبل كونه. فلما كان ذلك كذلك كانت الأشياء التي لم تكن وهي كائنة لعلمه بها قبل كونها، نظائر التي هي موجودة، فجاز أن يقول لها: «كوني»، ويأمرها بالخروج من حال العدم إلى حال الوجود، لتصور جميعها له، ولعلمه بها في حال العدم. وقال آخرون: بل الآية وإن كان ظاهرها ظاهر عموم، فتأويلها الخصوص لأن الأمر غير جائز إلا لمأمور على ما وصفت قبل. قالوا: وإذا كان ذلك كذلك، فالآية تأويلها: وإذا قضى أمرا من إحياء ميت، أو إماتة حي، ونحو ذلك، فإنما يقول لحي كن ميتا، أو لميت كن حيا، وما أشبه ذلك من الأمر. وقال آخرون: بل ذلك من الله عز وجل خبر عن جميع ما ينشئه ويكونه أنه إذا قضاه وخلقه وأنشأه كان ووجد.
ولا قول هنالك عند قائلي هذه المقالة إلا وجود المخلوق، وحدوث المقضي وقالوا: إنما قول الله عز وجل: { وإذا قضى أمرا فانما يقول له كن فيكون } نظير قول القائل: قال فلان برأسه، وقال بيده إذا حرك رأسه أو أومأ بيده ولم يقل شيئا. وكما قال أبو النجم:
وقالت الأنساع للبطن الحق
Shafi da ba'a sani ba