Jumimar Bayani Akan Tafsirin Alkur'ani
جامع البيان في تفسير القرآن
فأخرج كلامه على وجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم وهو قاصد بذلك أهل بيته، فكني عن وصفهم ومدحهم بذكر النبي صلى الله عليه وسلم وعن بني أمية بالقائلين المعنفين لأنه معلوم أنه لا أحد يوصف بتعنيف مادح النبي صلى الله عليه وسلم وتفضيله، ولا بإكثار الضجاج واللجب في إطناب القيل بفضله.
وكما قال جميل بن معمر:
ألا إن جيراني العشية رائح
دعتهم دواع من هوى ومنادح
فقال: «ألا إن جيراني العشية» فابتدأ الخبر عن جماعة جيرانه، ثم قال: «رائح» لأن قصده في ابتدائه ما ابتدأ به من كلامه الخبر عن واحد منهم دون جماعتهم. وكما قال جميل أيضا في كلمته الأخرى:
خليلي فيما عشتما هل رأيتما
قتيلا بكى من حب قاتله قبلي
وهو يريد قاتلته لأنه إنما يصف امرأة فكني باسم الرجل عنها وهو يعنيها. فكذلك قوله:
ألم تعلم أن الله على كل شيء قدير
[البقرة: 106] { ألم تعلم أن الله له ملك السموات والأرض } وإن كان ظاهر الكلام على وجه الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه مقصود به قصد أصحابه وذلك بين بدلالة قوله: { وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير أم تريدون أن تسألوا رسولكم كما سئل موسى من قبل } الآيات الثلاث بعدها على أن ذلك كذلك. أما قوله: { له ملك السموات والأرض } ولم يقل ملك السموات، فإنه عنى بذلك ملك السلطان والمملكة دون الملك، والعرب إذا أرادت الخبر عن المملكة التي هي مملكة سلطان قالت: ملك الله الخلق ملكا، وإذا أرادت الخبر عن الملك قالت: ملك فلان هذا الشيء فهو يملكه ملكا وملكة وملكا. فتأويل الآية إذا: ألم تعلم يا محمد أن لي ملك السموات والأرض وسلطانهما دون غيري أحكم فيهما وفيما فيهما ما أشاء وآمر فيهما وفيما فيهما بما أشاء، وأنهي عما أشاء، وأنسخ وأبدل وأغير من أحكامي التي أحكم بها في عبادي ما أشاء إذا أشاء، وأقر منها ما أشاء؟ هذا الخبر وإن كان من الله عز وجل خطابا لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم على وجه الخبر عن عظمته، فإنه منه جل ثناؤه تكذيب لليهود الذين أنكروا نسخ أحكام التوراة وجحدوا نبوة عيسى، وأنكروا محمدا صلى الله عليه وسلم، لمجيئهما بما جاءا به من عند الله بتغيير ما غير الله من حكم التوراة. فأخبرهم الله أن له ملك السموات والأرض وسلطانهما، فإن الخلق أهل مملكته وطاعته، عليهم السمع له والطاعة لأمره ونهيه، وإن له أمرهم بما شاء ونهيهم عما شاء، ونسخ ما شاء وإقرار ما شاء، وإنساء ما شاء من أحكامه وأمره ونهيه. ثم قال لنبيه صلى الله عليه وسلم وللمؤمنين معه: انقادوا لأمري، وانتهوا إلى طاعتي فيما أنسخ وفيما أترك، فلا أنسخ من أحكامي وحدودي وفرائضي، ولا يهولنكم خلاف مخالف لكم في أمري ونهيي وناسخي ومنسوخي، فإنه لا قيم بأمركم سواي، ولا ناصر لكم غيري، وأنا المنفرد بولايتكم والدفاع عنكم، والمتوحد بنصرتكم بعزي وسلطاني وقوتي على من ناوأكم وحادكم ونصب حرب العداوة بينه وبينكم، حتى أعلي حجتكم، وأجعلها عليهم لكم.
Shafi da ba'a sani ba