[*** المجلد الأول ***]
بسم الله الرحمن الرحيم وبه ثقتي
الحمد لله الذي أبدى محمدا صلى الله عليه وسلم أزكى العالمين عشيرا، وأطلعه فردا في المرسلين، ولم يجعل له نظيرا، وأرسله شاهدا ومبشرا ونذيرا، وداعيا إلى الله بإذنه وسراجا منيرا، قرب أتباعه إليه زلفى، وقوم به قوما عوجا، ورقق منهم جلفا، وفتح به أعينا عميا وآذانا صما وقلوبا غلفا، فوحدوا الله توحيدا خالصا خطيرا.
أحمده بجميع محامده كلها على مديد نعمه دقها وجلها حمدا يفرض لنا الكثير من نفلها.
وأشكره شكرا دائما غزيرا.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، التامة كلمته، السابغة نعمته، العظيمة قدرته، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ولا معينا ولا وزيرا.
وأشهد أن محمدا صلى الله عليه وسلم عبده المنعوت بالسيادة، ورسوله المبعوث بالسعادة، ونبيه المخصوص بالشهادة، القائم يوم القيامة مقاما محمودا كبيرا، صلى الله عليه وعلى آله السادة الأكرمين، وأصحابه العلماء العاملين، وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين، وسلم تسليما كثيرا.
أما بعد:
Shafi 61
فإن قلوب المؤمنين وأفئدة المتقين وأرواح المحبين تحيا عند نشر الأحاديث النبوية، وتنير بسماع السيرة المحمدية، وتتشوق إلى وصف أخلاق نبينا صلى الله عليه وسلم الشريفة، وتتشوف إلى نعت أوصافه الجليلة المنيفة، وتتشرف ببث آدابه الجليلة اللطيفة، وترتاح في كل عام إلى سماع حديث مولده عليه أفضل الصلاة والسلام.
Shafi 62
وقد صار ذلك [لهم] بدعة حسنة يهيمون بها في كل سنة، ويظهرون لذلك الفرح والسرور في شهر ربيع الأول دون بقية الشهور وذلك ب (مكة) و(المدينة) و(مصر) و(الشام) وغيرها في بلاد الإسلام، لكن الناس متفاوتون في عمل ذلك، ومنهم من يسلك فيه أهدى المسالك، ومنهم من يهلك فيمن هو هالك، ولن تجد لسنة الله تبديلا ولا تحويلا، وكل يعمل على شاكلته، فربكم أعلم بمن هو أهدى سبيلا.
وأول من أطلع لهم هذا الفعل الأسعد وفاز منه -إن شاء الله- بالأجر السرمد: الملك المظفر أبو سعيد كوكبري ابن الملك علي بن بكتكين بن محمد، فإنه أول ملك في العرب والعجم عمل وليمة لمولد رسول الله صلى الله عليه وسلم واحتفاله [بذلك] في كل مجمع، وما كان فيه يصنع لا يحاط به
Shafi 63
أجمع، وقد ذكر أنه كان ينفق في المولد في كل عام ثلاثمائة ألف دينار على الخلع والطعام.
ولقد بلغنا عمن رأى تلك الوليمة السنية أنه كان مرة على المائدة خمسة آلاف شاة مشوية، وعشرة آلاف دجاجة على السماط، ومائة فرس للأكل لا للرباط، ومائة ألف إناء من أنواع الطعام، وثلاثون ألف صحن من الحلوى للخاص والعام.
وكان فيما بلغنا أن أهل تلك النواحي والبلاد (كالجزيرة) و(سنجار) و(نصيبين) و(الموصل) و(بغداد) من الفقهاء والوعاظ والقراء والصوفية
Shafi 64
والرؤساء والشعراء يسعون في كل سنة إلى إربل لحضور ذلك الوقت المفضل من مستهل المحرم إلى أوائل شهر ربيع الأول.
ويأمر أبو سعيد في المحرم بإخراج القباب المزينات، كل قبة فيها أربع أو خمس من الطبقات، فتنصب من باب قلعة السلطان إلى باب الخانقاه المجاورة للميدان، فإذا كان أول صفر زينت القباب الظاهرة بأنواع الزينة المليحة الفاخرة، ويحصل فيهن كل يوم فرح وسرور ربما أدى للوقوع في المحذور.
حتى إذا بقي للمولد يومان سيقت الأنعام إلى الميدان، ثم تنحر وتطبخ منها الأطعمة المختلفة [الألوان]، فإذا كان ليلة عمل المولد صلى أبو سعيد المغرب بالقلعة، ثم نزل وبين يديه شمع كثير منها أربع على كل بغل شمعة، يسند كل واحد رجل إليه، إلى أن يدخل الخانقاه، فتنصب بين يديه، ويأمر بالخلع، فيؤتى بها حين يصبح، ويجلس في الإيوان، ويقدم للصعاليك سماطا في الميدان، وسماطا ثانيا في الخانقاه للأعيان، ثم يقرأ القراء القرآن ويعظ الوعاظ بالألحان، ويخلع على كل إنسان ما يليق به من الخلع الحسان.
Shafi 65
وإذا فرغوا وتهيأ كل لجمع شمله دفع إليه ما يليق به نفقة ومركبا وهدية إلى أهله.
وسنة يعمل المولد في ثامن شهره، وسنة في ثاني عشره.
وكان الملك أبو سعيد محبوبا إلى رعيته بحسن نيته، ولم يسمع لأمثاله بمثل سيرته، وكان له معروف في كل نوع من الأنواع، ولم ينقم عليه سوى حب السماع، والله يعفو عنا وعنه بكرمه.
وسمع الحديث من حنبل الرصافي وغيره من المحدثين، وسمع أهل بلده في ناس آخرين، منهم: المفيد عبد العزيز بن هلالة وآخرون من ذوي الجلالة، وكان مولده بقلعة الموصل في المحرم لمضي الثالث والعشرين، سنة تسع وأربعين وخمس من المئين، وتوفي بقلعة إربل في شهر الصيام وله ثمانون سنة وغالب عام، ودفن بإربل مدة معروفة، ثم حمل ليدفن بمكة، فدفن جوار مشهد الكوفة، ولأجله ألف المحدث الزاعم أنه ذو النسبين بين دحية
Shafi 66
والحسين: أبو الخطاب عمر بن الحسن الجميل علي الداني كتابه "التنوير في مولد البشير النذير صلى الله عليه وسلم"، لكن لم يحرره ذلك التحرير، وفيه مما لا يتعلق بالمولد شيء كثير، وهو ممن لا يوثق بنقله، والله تعالى يسامحه وإيانا بفضله.
ولقد قال العلامة أبو القاسم عبد الرحمن بن إسماعيل بن إبراهيم المقدسي ثم الدمشقي الشافعي الملقب أبا شامة: ومن أحسن ما ابتدع في زماننا من هذا القبيل.
يعني: من قبيل البدع الحسنة المتفق عليها وعلى جواز فعلها
Shafi 67
والاستحباب لها ورجاء الثواب لمن حسنت نيته فيها حسبما ذكره - ما كان يفعل بمدينة إربل -جبرها الله- كل عام في اليوم الموافق ليوم مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم من الصدقات والمعروف و[إظهار] الزينة والسرور، فإن ذلك مع ما فيه من الإحسان إلى الفقراء مشعر بمحبة رسول الله صلى الله عليه وسلم وتعظيمه وجلالته في قلب فاعله، وشكرا لله سبحانه وتعالى على ما من به من إيجاد رسوله صلى الله عليه وسلم الذي أرسله رحمة للعالمين.
ذكره العلامة أبو شامة في كتابه "الباعث على إنكار البدع والحوادث" وكانت وفاته في رمضان سنة خمس وستين وستمائة، وله ست وستون سنة، رحمه الله.
ولما رأيت أحوال المؤمنين على ما وصفناه من الميل والمحبة لما ذكرناه ألفت هذا المختصر المعلم من أحوال نبينا محمد صلى الله عليه وسلم وذكر مولده ومنشئه وصفاته وأخلاقه الشريفة ووفاته ليحصل لهم غاية مطلوبهم ويحصلوا خصال محبوبهم، ويزدادوا إيمانا ومحبة ويرتقوا بذلك أعلى رتبة، فالمرء مع من أحب.
Shafi 68
#69#
[طرق حديث المرء مع من أحب]
ثبت من حديث أبي إسماعيل حماد بن زيد الأزدي البصري أحد الحفاظ الأعلام [عن ثابت]، عن أنس رضي الله عنه أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم [ظ2ب] عن الساعة، فقال: متى الساعة؟ قال: «وماذا أعددت لها» قال: لا شيء، إلا أني أحب الله ورسوله. فقال: «أنت مع من أحببت». [قال أنس رضي الله عنه: فما فرحنا بشيء فرحنا بقول النبي صلى الله عليه وسلم: «أنت مع من أحببت»] قال أنس رضي الله عنه: فأنا أحب النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر رضي الله عنهما وأرجو أن أكون معهم بحبي إياهم وإن لم أعمل بمثل أعمالهم.
خرجه البخاري ومسلم في صحيحيهما.
كما رواه سعيد بن منصور وعارم أبو النعمان وعبد الأعلى بن حماد وأبو الربيع الزهراني، وغيرهم عن حماد. تابعه: جعفر بن
Shafi 69
سليمان، وحسين بن واقد، وسلام بن أبي الصهباء، وعثمان بن مسلم، ويونس بن عبيد، عن ثابت.
وهو في "منسد أحمد بن حنبل" قال: حدثنا عفان، [حدثنا همام]، حدثنا قتادة، عن أنس. فذكره.
وعلقه البخاري في "صحيحه" عن شعبة.
وخرجه مسلم من حديثه وحديث هشام، كلاهما عن قتادة، عن أنس بنحوه.
ورواه قتيبة بن سعيد ومحمد بن عبيد بن حساب، عن أبي عوانة، عن قتادة، عن أنس.
وتابعهم همام بن يحيى عن قتادة.
ورواه شعبة عن عمرو بن مرة، عن سالم بن أبي الجعد، عن أنس رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: متى الساعة يا رسول الله؟ قال «ما أعددت لها؟» قال: [ما] أعددت لها من كبير صلاة ولا صوم
Shafi 70
ولا صدقة، ولكني أحب الله ورسوله. قال: «أنت مع من أحببت».
تابعه منصور عن سالم، وهو في "الصحيحين" لسالم.
والسائل: هو أبو موسى الأشعري، وقيل: [هو] أبو ذر، فالله أعلم.
وقال الحارث بن أبي أسامة: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي، حدثنا حميد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: جاء أعرابي إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقام النبي صلى الله عليه وسلم إلى الصلاة ثم صلى ثم قال: «أين السائل عن الساعة؟» قال الرجل: أنا. قال: «ما أعددت للساعة؟». قال: يا رسول الله، ما أعددت لها كبير صلاة ولا صيام، إلا أني أحب الله ورسوله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم «المرء مع من أحب، وأنت مع من أحببت». فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام فرحهم [بها].
Shafi 71
تابعه إسماعيل بن جعفر عن حميد نحوه، ورواه مسدد بن مسرهد في "مسنده" عن يحيى، عن حميد الطويل، عن أنس. فذكره.
وخرجه الطبراني في "معجمه الأوسط" فقال: حدثنا أحمد بن خليد، حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي، حدثنا أبو المليح، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه قال: خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعرض له أعرابي فقال له: متى الساعة؟ قال: «ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها من خير أحمد عليه نفسي، غير أني أحب الله ورسوله. قال: «فأنت مع من أحببت».
قال الطبراني: لم يرو أبو المليح عن الزهري، عن أنس غير هذا. اه
ورواه عبد الله بن الزبير الحميدي عن سفيان بن عيينة، عن الزهري.
تابعه أحمد بن حنبل في "مسنده" فقال: حدثنا سفيان، عن الزهري، عن أنس رضي الله عنه: أن رجلا سأل النبي صلى الله عليه وسلم عن الساعة؟ فقال: «ما أعددت لها؟» قال: ما أعددت لها من شيء، ولكني أحب الله ورسوله. قال: «المرء مع من أحب».
Shafi 72
وحدث به مسلم في "صحيحه" عن أبي بكر بن أبي شيبة وعمرو الناقد وزهير بن حرب ومحمد بن عبد الله بن نمير ومحمد بن يحيى بن أبي عمر، كلهم عن سفيان بنحوه.
ورواه عبد الرزاق عن معمر، عن الزهري، حدثني أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلا من الأعراب أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «وما أعددت لها؟»، فقال الأعرابي: ما أعددت لها كبيرا أحمد عليه نفسي، إلا أني أحب الله ورسوله. فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: «فإنك مع من أحببت».
ورواه عبد الله بن محمد البغوي عن علي بن الجعد، عن مبارك بن فضالة، عن الحسن، عن أنس.
[وحدث به الترمذي في "جامعه" عن أبي هشام الرفاعي، عن حفص بن غياث، عن أشعث، عن الحسن، عن أنس] رضي الله عنه مرفوعا: «المرء مع من أحب وله ما اكتسب».
غريب من حديث الحسن عن أنس.
قاله الترمذي.
Shafi 73
تابعهما قرة بن خالد ومحمد بن جحادة وغيرهم عن الحسن، منهم: يزيد بن يعفر فيما رواه أبو الحسن محمد بن الباهلي، حدثنا محمود بن خالد، حدثنا أبي، حدثنا محمد بن راشد، حدثني يزيد بن يعفر، عن الحسن: أن أنس بن مالك رضي الله عنه حدثه قال: كنت قاعدا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟ فسكت عنه، وأقيمت الصلاة، فلما صلى قال: «أين السائل عن الساعة؟»، فقام الرجل، فقال: «أما إنها حق، فماذا أعددت لها؟»، قال: ما أعددت لها من كبير أجده، غير أني أحب الله وأحب رسوله.
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أما إنك مع من أحببت، ولك ما احتسبت».
تابعه محمد بن يونس الكديمي عن محمد بن راشد بنحوه.
ورواه القعنبي عن مالك، عن إسحاق بن عبد الله بن أبي طلحة.
Shafi 74
عن أنس بنحوه.
ورواه عمر بن يونس عن محمد بن موسى الأنصاري، عن حفص بن عمر بن أبي طلحة، عن أنس.
ورواه يحيى بن عبد الحميد الحماني عن سليمان بن بلال، عن شريك، عن أنس.
تابعه يحيى بن محمد بن قيس عن شريك.
ورواه أحمد بن عصام عن أبي عاصم، عن عثمان بن سعد، عن أنس.
Shafi 75
ورواه أبو ضمرة أنس بن عياض والأنصاري، وغير من ذكرناه عن أنس.
وقال أحمد بن حنبل في "مسنده": حدثنا يزيد، أخبرنا محمد ابن عمرو، عن كثير بن خنيس، عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلا أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يخطب، فقال: يا رسول الله، متى الساعة؟، قال: «وماذا أعددت للساعة؟»، قال: حب الله ورسوله. قال: «أنت مع من أحببت».
كثير هذا غير كثير بن خنيس الراوي عن عمرة بنت عبد الرحمن، فرق بينهما البخاري في "تاريخه الكبير".
وحدث أبو يحيى زكريا بن يحيى بن أسد المروزي، عن سفيان، عن الزهري، قال عمرو: سمعت عبيد بن عمير يقول: قال رجل: يا رسول الله، رجل يحب المصلين ولا يصلي إلا قليلا، ويحب الصائمين
Shafi 76
ولا يصوم إلا قليلا، ويحب الذاكرين ولا يذكر إلا قليلا، ويحب المتصدقين ولا يتصدق إلا قليلا، ويحب المجاهدين ولا يجاهد إلا قليلا، وهو في ذلك يحب الله ورسوله والمؤمنين، قال: «هو يوم القيامة مع من أحب».
وللحديث شاهد من حديث: علي بن أبي طالب، والبراء بن عازب، وجابر بن عبد الله، وأبي ذر، وأبي قتادة، وأبي سريحة حذيفة بن أسيد بن الأعوز -ويقال: الأغوس- الغفاري، وأبي سعيد الخدري، وأبي أمامة الباهلي، وصفوان بن عسال المرادي،
Shafi 77
وصفوان بن قدامة -من أهل حمص- وابنه: عبد الرحمن، وصفوان بن قدامة المرادي، وأبي موسى الأشعري، وعبد الله بن مسعود، وعبد الله بن يزيد الخطمي، وعروة بن مضرس، وأبي بدرة، ومعاذ بن جبل، وعائشة، رضي الله عنهم.
وطرقه جمة.
وقد صنف فيه الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق بن موسى بن مهران الصوفي الأصفهاني مصنفا جمع فيه غالب طرقه سماه: "ذكر المحبين مع المحبوبين إذا وافقوهم في العقد والحال".
Shafi 78
وروينا من حديث الحافظ أبي علي أحمد بن محمد البرداني، قال في كتابه في: "من رأى النبي صلى الله عليه وسلم في منامه": أخبرنا محمد بن علي بن الفتح الحربي، أخبرنا مبادر بن عبيد الله الصوفي، سمعت أبا الأزهر عبد الواحد بن محمد، سمعت الشيخ الصالح -قال الحافظ أبو علي: لعله ابن خفيف- يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام جالسا ومعه جماعة من الفقراء من هذه [الطائفة]، فإذا أنا بالسماء قد انشقت، وجبريل مع الملائكة بأيديهم الطشوت والأباريق، يصبون الماء على أيدي الفقراء، فغسلوها، فلما بلغوا إلي مددت يدي، فقال بعضهم لبعض: لا تصبوا الماء على يده؛ فليس منهم. فقلت: يا رسول الله، فإن كنت لست منهم فإني أحبهم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «المرء مع من أحب»، فصبوا الماء على يدي.
وقال أبو عبد الرحمن السلمي محمد بن الحسين في كتابه
Shafi 79
"المواعظ": وأخبرنا محمد -يعني: ابن أخي ميمي- حدثنا أحمد -هو: ابن سعيد- البزار، حدثنا محمد -يعني: ابن جعفر بن داران- حدثنا خلف بن محمود أبو الطيب الفرغاني، حدثني فارس النجاد، قال: بلغني عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: رأيت في النوم جبريل عليه السلام قد نزل إلى الأرض، فقلت: لم نزلت في هذه الليلة؟ فقال: نزلت لأكتب المحبين. قلت: مثل من؟ قال: مثل: "مالك بن دينار" و"ثابت البناني" و"أيوب السختياني" فعد جماعة، فقلت: أنا فيهم؟ قال: لا. قلت: فإذا كتبتهم فاكتب تحتهم: محب المحبين. قال: فنزل الوحي: اكتبه أولهم.
وفي "الصحيحين" من حديث شعبة، عن قتادة، عن أنس رضي الله عنه قال [رسول الله صلى الله عليه وسلم]: «لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده والناس أجمعين».
تابعه عبد العزيز بن صهيب، عن أنس.
ورواه أبو داود: عبد الرحمن بن هرمز الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «والذي نفسي بيده، لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من والده وولده».
Shafi 80