138

============================================================

الجارية واستكشفها عن الإمام فقالت: لم يكن يفتر ساعة لا في الليل ولا في النهار عن العبادة والمجاهدة، فلم ير مثله عابدا ولا وجد نظيره زاهدا، وكان لا ينام الليل وسموه الوتد لكثرة صلاته، وكان دائمأ نومه ساعة بين الظهر والعصر وفي الشتاء ساعة أول الليل، ويروى أنه كان في اليوم والليلة يختم القرآن وكان يختمه في شهر رمضان ستين مرة وقد حقق على ما قاله المؤلف أن رجلا من اليهود تال للإمام تعريضا أن نبيكم قال علماء امتي كانبياء بني إسرائيل، معجزات شتى وأنت أحد علماء أمته وقد صعدت مصاعد الاجتهاد رفزت برتبته فهل تقدر آن تحضر طعاما من الغيب ومائدة تزيل بها عني الريب، فلما اختبر اليهودي الإمام بذلك المقال فجعل الامام يطرق باب المولى بأيدي الابتهال وقال الهي ليس مطلبي وأنت أعلم علو الشان، بل تصديق نبيك صلى الله عليه وسلم بصادق البرهان لتزول شبهة عدو الدين في هذا النبي الكريم الأمين، فإذا هو بطعام قد حضر، ما ذاق قبله بشر، فقال اليهودي: آيها الإمام أئت بما قلت إن كنت صادق الكلام، فدعا اليهودي وبسط كف الضراعة، فحضر على النمط المذكور طعام في تلك الساعة، فتفكر الإمام في هذه الحال، وتفرق منه البال، وترقب من الغيب للإلهام، فبادر اليهودي وقد سبقته العناية إلى الأعلام، وقال إني تشفعت بك في دعائي، وتوسلت بك إلى الله في رجائي، فتقيل مني، ولم يخيب ظني، فأعلن بكلمتي الشهادة، ونال بأهله واولاده شرف الإسلام والسعادة.

قلت: ويقرب من هذا ما قاله سيدي عبد الوهاب الشعراني في طبقاته، أنه كان له جار يهودي، وكان قصبة خلائه تنضح على بيث الإمام آبي حتيفة، فمكث عشر سنين وهو يكنس كل يوم ما نزل في داره منها ويذهب به إلى الكوم، ولم يعلم اليهودي قط، فبلغ ذلك اليهودي فبكى وجاء وأسلم، انتهى وقال في الدر المختار، قال إسماعيل بن أبي رجاء، رأيت محمدا في المنام، فقلت له ما فعل الله بك، قال غفر لي، ثم قال: لو أردت أن أعذب ما جعلت هذا العلم فيك، فقلت له: أين أبو يوسف،

Shafi 138