فصل
ومن النصيحة لله تعالى تعلق القلب به في كل حال، فلا(¬1) تسأل حوائجك قلت أو جلت إلا منه مع كونه "ناظرا فيما تطلب لما يختار لك لا"(¬2) ما تختار لنفسك لأنه يخلق ما يشاء ويختار ويعطي ما يريد كما يريد متى يريد لا حجر عليه في أفعاله؛ وإنما الدعاء عبودية اقترنت بالحاجات كاقتران الصلاة بوقتها؛
وقد قال الشيخ أبو محمد عبد العزيز المهدوي - رضي الله عنه - : من لم يكن في دعائه تاركا لاختياره راضيا باختيار الله فهو مستدرج وهو ممن قيل له: اقضوا حاجته فإني أكره أن أسمع صوته، فإن كان مع اختيار الله تعالى لا مع اختياره لنفسه كان مجابا وإن لم يعط، والأعمال بخواتمها.
وقال الشيخ أبو الحسن الشاذلي - رضي الله عنه - : إذا أردت الدعاء فقدم إساءتك بين يديك وقل: يا رب بلا شيء؛ وقال أيضا: لا يكن(¬3) همك من دعائك قضاء حاجتك فتكون محجوبا، وليكن همك مناجاة ربك.
وفي الحكم: لا يكن طلبك تسببا إلى العطاء منه فيقل همك عنه، وليكن طلبك لإظهار العبودية وقياما لحقوق الربوبية، كيف يكون طلبك اللاحق سببا في عطائه السابق، جل حكم الأزل أن ينضاف إلى العلل، انتهى.
Shafi 8