فإن قال أحد: إن هذا مخصوص في شيء من الذنوب أو بعض الذنوب كان عليه إقامة الدليل بنص الكتاب والسنة والإجماع من الأمة، ولكن قد ثبت الوعيد لا خلاف لمن لم يتب مع هذا القول: «هلك المصرون»، مع قول الله: {وقد خاب من حمل ظلما}، فمن مات مصرا فالإصرار مهلك لأهله، وقد قال الله تعالى: {ومن لم يتب فأولئك هم الظالمون}. /41/ وقال: {التائبون العابدون الحامدون السائحون الراكعون الساجدون الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر والحافظون لحدود الله وبشر المؤمنين}، تأويلها: يبشرهم بالجنة كما قال: {يبشرهم ربهم برحمة منه ورضوان وجنات لهم فيها نعيم مقيم * خالدين فيها أبدا إن الله عنده أجر عظيم}.
وقد حذرهم الله عقوبته فقال: {لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإيمان ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون}، وقال: {لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض}، وقال: {ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين}.
وقال: {لا تجد قوما يؤمنون بالله واليوم الآخر يوادون من حاد الله ورسوله ولو كانوا آباءهم أو أبناءهم أو إخوانهم أو عشيرتهم أولئك كتب في قلوبهم الإيمان}، يقول: لا تجد مؤمنا يواد كافرا أبدا، فالعقوبة على من يفعل هذا إن لم يتب، ومن تاب فإن الله يتوب عليه، والجنة للتائبين الذين ذكرناهم في أول المسألة.
قال النبي ^: «التائب من الذنب كمن لا ذنب له»، وقد قال [الله] في المؤمنين: {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون}، وقال: {وبشر المؤمنين}، وقال: {والذين آمنوا وعملوا الصالحات سندخلهم جنات تجري من تحتها الأنهار}، وقال: {أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون}.
Shafi 57