وقد قال في أهل النار: {وما هم منها بمخرجين}، وقال {[أولئك] أصحاب الجنة هم فيها خالدون}.
ولا خلاف لما أوعد، ومن قال: إنه يكون خلاف ما أوعد فقد جهل الله، تعالى الله عن أن يقول خلاف ما يكون، والله تعالى أصدق القائلين.
وقد وعد أصحاب الجنة الجنة، فإن كان وعدهم وعنده أنه يفي لهم بما وعدهم فكذلك نقول، وإن كان وعدهم وعنده أنهم لا يدخلون الجنة كما وعدهم فهذا هو الكذب، تعالى الله وجل عن الكذب.
فإن قال: فيقضي بهذا الوعيد على كل فاجر، وكل آكل أموال اليتامى ظلما كما قال: {إنما يأكلون في بطونهم نارا وسيصلون سعيرا}، {وإن الفجار لفي جحيم}، أويقضي بذلك لبعض دون بعض؟
قال: المخرج من هذا قريب -والحمد لله- أن الله تعالى قد أوجب الموجبات على أهلها لمن انتهكها إذا لقي الله على ذلك مصرا عليها ولم يتب منها.
فأما التائب فإن الله يتوب عليه، قال الله: {إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار [ولن تجد لهم نصيرا] * إلا الذين تابوا...} تمام الآية، وقال: {وهل نجازي إلا الكفور}، وقال: {إن الذين كفروا وماتوا وهم كفار أولئك عليهم لعنة الله والملآئكة والناس أجمعين * خالدين فيها لا يخفف عنهم العذاب ولا هم ينظرون}، وأمثال هذا في القرآن كثير، فاستثنى أهل التوبة، وأوجب التخليد في النار للذين ماتوا على /38/ الكفر.
وقال: {وإني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحا}، فأوجب المغفرة لمن تاب، وقال: {وقد خاب من حمل ظلما}.
Shafi 51