والذي أحب القول به أن الله تعالى - عز وجل - قد أكمل دينه وتنزيله على لسان نبيه محمد ^، فلا نقصان فيه بعد تمامه، ومن قال بنقصان ذلك بعد كماله فقد خالف كتاب الله، ولا يزاد في الإيمان بعد كمال التنزيل، ولا يجعل فيه ما ليس منه؛ لأن الله قد أكمل دينه وأمره ونهيه، على لسان نبيه، فهو لا ينزل فيه زيادة، ولا يجوز أن ينقص منه شيء، وقد رضيه الله دينا كما قال: {اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا}، وهو الإقرار بالجملة والتصديق بها.
فإن احتج بقول من قال: إنه يزداد بقوله تعالى: {ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم}.
قيل له: ذلك نزل في القوم الذين كانوا في يوم الحديبية حين صدهم المشركون عن دخول مكة حتى صالحهم رسول الله ^، فاشتد ذلك على المسلمين، وأرادوا حرب المشركين، وكرهوا الصلح، فلما صالحهم رسول الله ^ أنزل الله السكينة في قلوب المؤمنين الاطمنانية بالصلح، ليزدادوا إيمانا مع إيمانهم، وتصديقا مع تصديقهم بما أوعدهم الله ورسوله من الفتح ولم يرتابوا. فهذا إنما زادهم تصديقا للنبي، وما كان من فعله ووعده قبل كمال الدين.
ألا ترى إلى قوله: {إذا ما أنزلت سورة فمنهم من يقول أيكم زادته هذه إيمانا} قال الله: {فأما الذين آمنوا فزادتهم إيمانا} يعني: تصديقا إلى إيمانهم /125/ إلى تصديقهم، {وهم يستبشرون} بنزول غيرها، وذلك قبل كمال الدين، فلما نزل: {اليوم أكملت لكم دينكم} لم ترجع فيه زيادة بعد نزولها إلا ما قيل في الآيتين اللتين في المواريث في آخر النساء، وقد أكمل دينه.
Shafi 173