فإن قال: وما معنى قولكم: عظيم؟
قيل له: معنى ذلك: عظيم الشأن والمنزلة.
فإن قال: وما معنى قولكم: حكيم؟
قال: هو من طريق العلم بمعنى عليم، وقد يكون في الفعل متقنا.
فإن قال: أفتقولون: لم يزل حكيما؟
قيل له: نعم، لم يزل حكيما عليما؛ لأن الحكيم عالم، والعالم حكيم، فهو الحكيم من طريق أنه العليم.
فإن قال: أفتسمونه جوادا؟
قيل له: نعم، كذلك قال: «إنه جواد كريم»، وقد يكون الجود والكرم في البذل، وقد يكون في النفس، فنسميه كما وصف نفسه أنه الجواد الكريم، ولو لم نصفه بذلك لكنا قد وصفناه ||تعالى|| بضد ذلك، فلما نفينا عن الله تعالى الأضداد وصفناه بأنه الجواد الكريم في الأزل.
مسألة: [وصف الله بالعدل]
- وسأل فقال: أتقولون: إن الله عادل؟
قيل له: نعم، ولو لم نصفه بالعدل لكان موصوفا بضده، فلما نفينا عنه أن يكون جائرا وصفناه عادلا.
فإن قال: فما معنى العدل؟
قيل له: هو فعل ما له أن يفعله في الحكمة، وإعطاء المستحق ما يجب له، والجور: ضد العدل، وهو منع المستحق ما يجب له، فلما نفينا عن الله الأضداد وصفناه عادلا.
فإن قال: أفتقولون: إن الله حق؟
قيل له: نعم، كذلك قال: {[ب]أن الله هو الحق وأنه يحيي الموتى وأنه على كل شيء قدير}. فهو الحق على ما وصف نفسه في كتابه، ولو لم نصفه بأنه الحق لوصفناه بضده، والأضداد عن الله منفية.
وكذلك هو صادق الوعد، والقول كما قال: {وأوفوا بعهدي أوف بعهدكم}، وقال: {ومن أصدق من الله قيلا}. /11/
فالله أصدق القائلين، فنصفه كما وصف نفسه، لا نجاوز ذلك ولا نعدوه إلى غيره، وننفي بذلك عنه الأضداد، تعالى ربنا وجل.
ومعنى الصادق: أن يكون مخبره على ما أخبره، وضده أن يكون مخبره على خلاف ما أخبره.
Shafi 15