قيل له: هنا |هذا| قول فحش وقبح من قائله، وتعالى الله وجل عن هذا؛ لأن هذه الصفة لا تكون صفة حكيم عليم، ولا يصف الله تعالى بهذه الصفة إلا جاهل بالقول: إن الله تعالى أمر بطاعته، ونهى عن معصيته، وأراد الطاعة ممن أتى بها طائعا لا مكرها، ولم يردها ممن لم يأت بها، ونهى عن معصيته وقبحها، فمن عمل بالمعصية فقد عمل بما نهاه الله عنه وقبحه، وأراده فعلا قبيحا لا طاعة ممن أتى به، وأراد الطاعة حسنة، وأراد المعصية قبيحة، ولا مخرج للعباد مما علم الله وأراد فيهم.
فإن قال: فإن الله أراد الطاعة ولم يرد المعصية؟!
قيل له: قد عرفناك أنه أراد المعصية قبيحة مسخوطة، ولم يردها طاعة ولا حسنة، والله حكيم لم يزل، ولم يزل تعالى عالما بما يعمل العباد من طاعة ومعصية، وعلمه ماض في خلقه، مريدا لإنفاذ ما علم، لا أن المريد غير العالم، بل هو المريد العالم الراضي /77/الساخط الآمر الناهي لا غيره.
فإن قال: الرضى والسخط محدثان، وكذلك الأمر والنهي؟
قيل له: إن الرضى من الله هو الثواب، والسخط عقاب، وهو غير الراضي؛ لأن الراضي والساخط هو الله الذي لم يزل، ثم جعل الثواب لأهل طاعته، والعقاب لأهل معصيته.
Shafi 108