فإن قال: فإذا غسله فقد حصل له اسم طاهر ومتطهر؟ قيل له: هذا أيضا غلظ منك، وذلك أن اسم التطهر لا يصح له إلا بعد اسم الطهر. والدليل عليه أن الأمة اجتمعت، أن رجلا لو تغوط وبقي أثر الغائط على بدنه، ثم تطهر للصلاة وغسل سائر أعضائه ثم رجع إلى الاستنجاء من الغائط، أنه لا يكون متعبدا (¬1) بذلك التطهر الذي فعله قبل الاستنجاء. ولا فرق بين أن يكون الغائط ظاهرا هنالك منه شيء، أو على رأسه إذا كان ذلك على جسده، فإن قال: لم فرقت بين الطهر والتطهر وما أنكرت أن يكونا اسمين ومعناهما واحد؟ قيل له: إن الله تعالى ذكر في كتابه الطهر والتطهر، وجعل لكل واحد منهما حكما بقوله: { ولا تقربوهن حتى يطهرن } (¬2) يعني من الحيض والنجس وينقى، ثم قال: { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } (¬3) ، ولو أنها نقيت من الدم وغسلت مواضع الدم كان سائر جسدها طاهرا، ولا يجوز لزوجها مع ذلك مجامعتها حتى تطهر بالماء، وهذا تأويل أكثر أصحابنا. ووافقهم عليه أبو حنيفة، واحتجوا بقول الله تعالى: { فإذا تطهرن فأتوهن من حيث أمركم الله } قالوا: فليس يخلو كلام رب العالمين من فائدة، فلما ذكر الطهر ثم ذكر التطهر، علمنا أنه قد أفادنا وجعل لكل واحد منهما حكما، وقد قال بعض أصحابنا بغير هذا التأويل، ونحن نذكره بعد هذا الموضع إن شاء الله.
مسألة في غسل الوجه
¬__________
(¬1) في (ج) معتدا.
(¬2) و4_ البقرة: 222.
Shafi 179