توطئة
انتدبت طوائف من علماء الإسلام ممن لهم عناية بتواريخ العلوم بوضع تصانيف محررة في رجال كل فن، رسموا فيها صورة صادقة وافية لمن ترجموا له منذ بداية وضعه في مهده إلى نهاية دفنه في لحده، بل إنهم تقدموا ليعرفوا الأصل والمحتد، وتأخروا ليظهروا الأثر بعد العين.
ومن هؤلاء مؤرخو الفقهاء الذين اعتنوا عناية فائقة بجمع تراجم أهل الفقه، وتحريرها وتهذيبها. وأقتصر في هذا المقام على ما يتعلق بفقهاء المالكية دون غيرهم. ولعل المالكية هم أول من تصدى للتأليف في هذا المضمار.
١ - ترتيب المدارك وتقريب المسالك لمعرفة أعلام مذهب مالك:
للإمام، شيخ الإسلام، الحافظ، الناقد، الفقيه، الأصولي، المتكلم، المفسر، المؤرخ، النسّابة، اللغوي، النحوي، الأديب، الشاعر، الخطيب، المتفنن، العلامة الحافل، الحبر، البحر، الحجة، القاضي أبي الفضل عياض ابن موسى بن عياض اليحصبي، الأندلسي الأصل، ثم المغربي السّبتي، المالكي، صاحب المؤلفات الفائقة كالشّفا بتعريف حقوق المصطفى ﷺ، وإكمال المعلم بفوائد مسلم، والتنبيهات المستنبطة على الكتب المدوّنة والمختلطة، وغيرها. ولد بسبتة سنة (٤٧٦ هـ)، وتوفي بمرّاكش مغرّبا عن وطنه سنة (٥٤٤ هـ) (١).
_________
(١) تنظر ترجمته في المصادر التالية: قلائد العقيان لأبي نصر الفتح بن محمد المعروف بابن =
1 / 26