144

Jalis Salih

الجليس الصالح الكافي والأنيس الناصح الشافي

Bincike

عبد الكريم سامي الجندي

Mai Buga Littafi

دار الكتب العلمية

Lambar Fassara

الأولى ١٤٢٦ هـ

Shekarar Bugawa

٢٠٠٥ م

Inda aka buga

بيروت - لبنان

عين الْمهْدي عَلَيْهِ قَالَ: أَيْنَ مصداق مَا قلت لَنَا؟ قَالَ لَهُ سَعِيد: وَمَا رَأْي أَمِير الْمُؤمنِينَ شَيئًا؟ فضجع فِي جَوَابه، فَقَالَ لَهُ سَعِيد: امْرَأَتي طَالِق إِن لَمْ يكن رأيتَ شَيئًا، قَالَ لَهُ الْمهْدي: وَيحك! مَا أجرأك عَلَى هَذَا الْحلف بِالطَّلَاق! قَالَ: لِأَنِّي أَحْلف عَلَى صِدْق، قَالَ لَهُ المهديُّ: فقد وَالله رَأَيْت ذَلِكَ مُبينًا، فَقَالَ لَهُ سَعِيد: اللَّه أكبر، فأنجز لي يَا أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا وَعَدتنِي، قَالَ لَهُ: حُبًّا وكرامة، ثُمَّ أَمر لَهُ بِثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَعشرَة تخوت ثيابًا من كلّ صنف، وَثَلَاث مراكب من أنفس دوابّه مُحلاة، فَأخذ ذَلِكَ وَانْصَرف، فلحق بِهِ الْخَادِم الَّذِي كفل بِهِ، وَقَالَ لَهُ: سألتُك بِاللَّه هَلْ كَانَ لهَذِهِ الرُّؤْيَا الَّتِي ذكرتَها من أصل؟ قَالَ لَهُ سَعِيد: لَا وَالله، قَالَ الْخَادِم: كَيْفَ وَقد رَأَى أَمِير الْمُؤمنِينَ مَا ذكرتَه لَهُ؟ قَالَ هَذِهِ من المخاريق الْكِبَار الَّتِي لَا يأبه لَهَا أمثالكم، وَذَلِكَ أَنِّي لمّا ألقيت إِلَيْهِ هَذَا الْكَلَام خطر بِبَالِهِ وَحدث نَفسه وَأسر بِهِ قلبه وشغل بِهِ فكره، فساعة نَام خُيِّل لَهُ مَا حَلَّ فِي قلبه وَمَا كَانَ شغل بِهِ فكره فِي الْمَنَام، فَقَالَ لَهَ الْخَادِم: قَدْ حلفتَ بِالطَّلَاق، قَالَ: طلقت وَاحِدَة وَبقيت معي عَلَى ثِنْتين فأزيدُ فِي مهرهَا عشرَة دَرَاهِم وأتخلّص وأحصل عَلَى عشرَة آلَاف دِرْهَم وَثَلَاثَة آلَاف دِينَار وَعشرَة تخوت من أَصْنَاف الثِّيَاب وَثَلَاث مراكب فرهة، فبهت الْخَادِم فِي وَجهه وتعجّب من ذَلِكَ، فَقَالَ لَهُ سَعِيد: قَدْ صَدَقْتُك وَجعلت صِدقي لَك مكافأتك عَلَى كفالتك بِي فاسْتُر عليّ، فَفعل ثُمَّ طلبه المهديُّ لمنادمته، وحَظِيَ عِنْدَهُ وقَلّده القضاءَ عَلَى عَسْكَر المهديّ فَلم يزل على ذَلِكَ إِلَى أَن مَاتَ. فَهَذَا كَانَ السَّبَب فِي وُصلة سَعِيد بْن الرَّحْمَن بأمير الْمُؤمنِينَ الْمهْدي، فَهَل سَمِعت بِأَعْجَب من ذَلِكَ يَا دَاوُد؟ قَالَ: لَا. التَّعْلِيق عَلَى هَذِهِ الْقِصَّة قَالَ القَاضِي: قَول سَعِيد فِي هَذَا الْخَبَر أَنَّهُ طَلّق وَاحِدَة وَبقيت مَعَه عَلَى اثْنَتَيْنِ وَأَنه يزِيد فِي مهرهَا عشرَة دَرَاهِم، من كَلَام الحَمْقى العامَّة وجُهّالهم، لأنَّ مُطِلق امْرَأَته الْمَدْخُول بهَا وَاحِدَة إِن راجَعَها فِي عِدَّتها فَلا مَهْرَ عَلَيْهِ لَهَا، وَإِن تزوَّجها بَعْدَ بينونتها فَعَلَيهِ الصَدَاق مبتدئًا غَيْر زَائِد عَلَى قدرٍ مِنْهُ مُتَقَدم، وَفِي حمل سَعِيد نَفسه فِي هَذِهِ الْقِصَّة عَلَى الْكَذِب وخاصة فِي الرُّؤْيَا وإطلاع الْخَادِم عَلَى قَبِيح مَا أَتَاهُ، وَكذبه فِيمَا حَكَاهُ، وجَعْله هَذِا مُكَافَأَة لَهُ عَلَى كفَالَته بِهِ، واعتماده مسترسلا إِلَيْهِ فِي سَتْر رذيلته عَلَيْهِ، دَلِيل عَلَى أَنَّهُ كَانَ بِمحل من الغَرَق، وَأَن عِظَمَ لحيته كَانَ عَلَى شكلٍ يدل عَلَى السّفاهة والحمق. وَقد حَدَّثَنَا عليّ بْن الفَضْل بْن طَاهِر البلْخيّ قَالَ: حَدَّثَنَا مُحَمَّد بْن أَيُّوب بْن يزِيد، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَد بْن يَعْقُوب، قَالَ حَدَّثَنَا مُصْعَب بْن خَارِجَة، عَنْ أَبِيه، من كَانَتْ لحيته طَوِيلَة فَلا يلم فِي عقله شَيْءٍ. حَدَّثَنَا اللَّيْث بْن مُحَمَّد بْن اللَّيْث المَرْوَزِيّ، قَالَ: سَمِعت عَبْد اللَّه بْن مَحْمُود، يُقَالُ: نظر

1 / 148