وأما البلغم فيقول: إن الأمراض التى تتولد عن الأبيض منه تحدث عن نحوين أحدهما متى احتقن 〈الهواء〉 فى داخل الأعضاء، فإن ألمه حينئذ يكون كما قلنا فى الذى قبله وذلك أن البلغم الذى هذه حاله هو أيضا هوائى. والآخر يكون متى برز إلى ظاهر البدن حدث عنه حينئذ البرص والبهق وسائر العلل الشبيهة بهذه. ثم قال: ومتى خالط البلغم المرة السوداء وانصب إلى الرأس حدث عنه المرض الذى يدعى الإلهى. ومن جنس هذا المرض الأعراض التى تعرض فى النوم. ومن البين أنه يردى بالأعراض التى تعرض فى النوم المرض الذى يسميه الحدث من الأطباء الكابوس. فهذا ما قاله فى البلغم الأبيض. وأما [فى] البلغم الآخر فقال فيه ما يحاذى هذا القول. وأما البلغم المالح 〈و〉الحامض فهو ينبوع جميع الأمراض الحادثة عن الذوبان. ولأن المواضع التى ينصب إليها مختلفة صارت أسماء تلك الأمراض مختلفة وقد بقى من أجناس الأمراض التى قسمناها قبيل الجنس الثالث وهو الذى يتولد عن غلبة المرار، وطيماوس يقول فيه هذا القول: إن جميع العلل الحارة تتولد عن المرار. فمتى برز إلى ظاهر البدن أحدث البثر ومتى احتقن فى داخل البدن ولد جميع العلل الحارة. ومتى انصب إلى العروق حدث عنه النافض وذلك لأنه يضطر بسبب السلوك التى فى الدم أن يجمد ولذلك يحدث عنه أولا البرد والنافض ثم إنه بعد ذلك يغلب فيسخن البدن إسخانا شديدا. ثم قال: وإذا غلب البدن المرار ودفعه إلى البطن حدث الذوب والقروح التى تكون فى الأمعاء. وإن البدن الذى يحدث فيه المرض خاصة لغلبة النار عليه تحدث فيه الحميات الدائمة المحرقة، والذى يمرض لغلبة الهواء تحدث فيه الحميات النائبة فى كل يوم، والذى يمرض لغلبة الماء تحدث فيه الحميات التى تعرف بالغب، وذلك أن الماء أبطأ حركة من الهواء والنار. وأما الذى تمرضه غلبة الأرض وهو الرابع فلأن حركته أبطأ من جميعها إذ كان نقاؤه إنما يكون فى أربعة أضعاف تلك فتحدث به حميات الربع ويعسر خلاصة منها.
[chapter 23]
Shafi 31