إنهم كانوا لا يزالون يرون أشياء كثيرة تعرض للناس في حال المرض والصحة، بعضها من تلقاء أنفسها، مثل الرعاف، أو القيء، أو العرق، أو الاختلاف، أو غير ذلك مما أشبهها، فتجلب لمن عرضت له مضرة، أو منفعة، من غير أن تظهر لهم بالحس العلة الجالبة لما كان يعرض لهم، وبعضها كانت تظهر لهم علتها، من غير أن يكون ذلك بقصد وتعمد.
لكن كان يتفق أن يحدث عنها شيء ما، مثل أن يسقط إنسان، أو يضرب، أو يجرح بنوع من الأنواع فيجري منه الدم.
أو أن يتبع شهوته، فيشرب في مرضه ماء باردا، أو شرابا، أو ما أشبه ذلك من الأشياء التي تعقب منفعة، أو مضرة.
فسموا النوع الأول من هذه الأشياء التي تنفع، أو تضر «طبيعيا»، وسموا النوع الآخر «عرضيا».
ولقبوا أول وجودهم لما شاهدوا من هذين النوعين «الاتفاق». وإنما خصوا هذا المعنی بهذا الاسم، لأنه يحدث في الأشياء من غير إرادة ولا قصد.
فهذه هي صفة أحد أنواع التجربة، وهو المنسوب إلی الاتفاق.
Shafi 17