============================================================
ويلك المؤمن زهده في قلبه، وقرب ربه عز وجل في سره، والدنيا والآخرة على (118/ب] بابه في خزانته لا / في قلبه. قلبه فارخ من غير مولاه، كيف يسع غيره وقد امتلأ به وبذكره وقربه. قلبه وادع منكسر لأجل مولاه، فلا جرم يكون عنده؛ لأنه قال عز وجل في بعض كلامه: "أنا عند المنكسرة قلوبهم، من أجلي(14). انكسرت نفوسهم بترك الدنيا، وانكسرت قلوبهم لأجل المولى.
فلتا تحقق هم الانكسار جاء إليهم وجبر كسرهم. جاء الطبيب فطبهم. هذا هو النعيم، لانعيم الدنيا والآخرة.
القوم مرضى وطبيبهم عندهم، هم بين يدي طبيبهم، نيام في حجر كرمه ولطفه، يقلبهم بيد منته ورأفته ورحمته. من لم ير المغلح لا يفلح، جالسوا القوم واسمعوا نطقهم واصحبوهم لله عز وجل لا للدنيا، وقد انتفعتم بهم. تعلموا (119/) العلم / فإن فيه خيرا كثيرا. تعلموا واعملوا حتى تنتفعوا بالعلم. العلم كالسيف، والعمل كاليد، سيف بلا يد لا يقطع، ويد بلا سيف لا تقطع. تعلموا ظاهرا وأخلصوا باطنا. ما تعطون ذرة من الثواب بلا إخلاص. اسمعوا القرآن واعملوا به، إنما أنزله الحق عز وجل لتتوصلوا به إليه. له طرفان: طرف بيده، وطرف بأيدينا. إذا عملتم به رقى قلوبكم إليه، يختطف قلوبكم إلى دار قربه وأنتم في الدنيا قبل الآخرة. إن أردت الوصول إليه فازهد في الدنيا والخلق. إزهد في نفسك وأهلك ومالك وشهواتك ونزهاتك(20) وحبك لحمد الخلق وثنائهم وإقبالهم (119/ب] عليك، إذا صح لك هذا استغنيت عنهم، وشبع بطنك، وارتوت / كبدك وغمر (19) ذكره الزبيدي في الإتحاف 290/6 وقال موسى في مناجاته: "إهي اين أبغيك - أي أطلبك - قال: ابغني عند المنكسرة فلوهم" . كما ذكره القاري في الأسرار المرفوعه في الأخبار الموضوعة ، 7 بلفظ وأنا عند المنكسرة قلوبهم المندرسة قبورهم لأجلي".
(20) في (ا): شبهاتك.
Shafi 132