بوجهة النظر القائلة بأن مقدار الإحساس نحصل عليه عن طريق الإضافة، التي تكون فيها الوحدات المتساوية هي التي يمكن أن ندركها في الحال. وإذا ما قارنا بين مقدار الإحساس الناتج وبين مقدار الإحساس كما يقاس فيزيائيا وصلنا إلى النتيجة التي تقول إنه في حين أن الإحساسات تزداد أو تنقص على شكل متوالية حسابية فإن المثيرات المقابلة تتغير على شكل متوالية هندسية، ويمكن أن نعبر عن هذه الصيغة بسهولة أكثر بقولنا: إن مقدار الإحساس يختلف بوصفه لوغارتم المثير.
وقد يؤدي بنا هذا الخط من البحث في يوم من الأيام إلى أرض صلبة وأساس متين نستطيع منه أن نحسب - إذا ما أخذنا المثيرات الحسية الدقيقة - في يقين الإحساسات المقابلة. لكني مع ذلك سوف أثير النقاط الآتية لكي أبين أن هذه النظرية على ما هي عليه الآن هي على أحسن الفروض مشكوك في صحتها. (1) إننا إذا ما عرفنا النسبة بين المثير الأصلي والزيادة التي نحس بها، فإن هذه المعرفة تخدمنا - على ما أعتقد - في تحديد الإحساس المقابل، ما لم نعرف أن مقدار المثير الذي يقابل صغر الإحساس واحد عند جميع الناس أو حتى عند الفرد الواحد. لكن من المسلم به كحقيقة واقعة أنه يختلف باختلاف الأفراد كما يختلف عند الشخص الواحد في أحوال مختلفة. فلو كنا لا نستطيع أن نعرف درجة الإحساس عند فرد معين في لحظة معينة إلا إذا فحصنا هذا الفرد نفسه في هذه اللحظة الجزئية المعينة، فإن ذلك يعني أن كل لحظة من تاريخ حياة الفرد عبارة عن حالة عينية قائمة بذاتها قد تشبه - أو لا تشبه - حالته في لحظة أخرى. (2) افرض أنني خبرت الإحساس «س»، وأنه بزيادة هذا الإحساس باستمرار شعرت بهذه الزيادة بعد مدة معينة بحيث أصبح الإحساس «س
1 » من الطبيعي في هذه الحالة أن نقول إن الإحساس الأول وهو «س» قد تغير إلى إحساس آخر هو الإحساس، بهذا الكل فإن إحساسك يكون «س»، وحين يزداد الإحساس بهذا الشكل يصبح إحساسك «س
1 »، لكن هناك حالة انتقال بين «س» و«س
1 » يكون فيها الإحساس أقوى من «س» وأضعف من «س
1 »، ولا شك أن شدة الإحساس في هذه الحالة تختلف عن شدة الإحساس في حالة «س» و«س
1 » ويبدو أن القانون الذي نناقشه يعجز عن حساب هذا الفرق. وبعبارة أخرى فإنه يقال إن مقدار الإحساس يمكن حسابه في بعض الأوقات ولا يمكن حسابه في أوقات أخرى. (3) إن الإشارة إلى الشدة بالأرقام تعني أن المقدار المدمج يمكن تقسيمه إلى حدات بنفس الطريقة التي نقسم بها الأعداد. غير أن الوحدات التي سيتكون منها العدد تتحد مع بعضها في هوية واحدة، في حين أن القول بأن الشدة تتألف من وحدات تتحد في هوية واحدة هو تناقض ذاتي لأن الشدة تعني أن الوحدة الأولى من السلسلة هي أقل «كثافة
dense » أو أكبر «كثافة» من الوحدة الثانية. أعني أن الوحدات في المقدار المدمج ليس بينها تغير متبادل لأنها لا تتحد في هوية واحدة. وفضلا عن ذلك فإن الإحساسين من نوع واحد لا يمكن أن يقال إنه يمكن قياسهما على الإطلاق ما لم يكن من الممكن أن يقال بطريقة لها معنى إنهما متساويان أو إن أحدهما يتضمن من الوحدات أكثر أو أقل مما يتضمنه الآخر ... لكنه من الصعب أن نرى كيف يمكن لهذين الإحساسين أن يكونا متساويين ما لم يكونا متحدين: «لا شك أن المساواة في العالم الطبيعي لا ترادف الهوية. غير أن السبب هو أن كل ظاهر، وكل موضوع يمثل هنا بوجهين؛ أحدهما كيفي، والآخر امتدادي. وليس ثمة ما يمنع من أن نضع جانبا الوجه الأول، ولن يبقى في هذه الحالة سوى حدود يمكن انطباقها بطريقة مباشرة أو غير مباشرة الواحد على الآخر، وبالتالي تبدو وكأنها متحدة في هوية واحدة ... وهذا العنصر الكيفي الذي بدأنا بحذفه من الموضوعات الخارجية لكي نقيسها هو نفس العنصر الذي يحتفظ به السيكوفيزيقيون، ويزعمون أنهم يقيسونه ... وباختصار: يبدو من ناحية أن الإحساسين المختلفين لا يمكن أن يقال إنهما متساويان ما لم تبق البقية المتحدة في هوية واحدة بعد استبعاد اختلافهما الكيفي. لكن هذا الاختلاف الكيفي من ناحية أخرى هو كل ما ندركه، ولا نعرف ما الذي يمكن أن يبقى إذا ما حذفناه.»
41 (4) القول بأن عملية نمو الإحساس إذا كانت تتألف من وحدات متساوية أضيف بعضها إلى بعض، وكل وحدة من هذه الوحدات مساوية للفرق المدرك، هذا القول يعني أننا نتحدث عن مثل هذه العملية السيكولوجية بألفاظ تناسب الظواهر المكانية. ولا ينبغي التفكير في الإحساس في صورة خط يمكن قسمته إلى أجزاء متساوية؛ ذلك لأن الأول يتضمن ديمومة، بينما الثاني لا يتضمن ديمومة. فالإحساس تتال، يزداد شدته بالتدريج، أما الخط فهو مجرد إضافة للأجزاء، يمكن أن ينظر إلى أولها كما ينظر إلى آخرها «نحن نضع حالات شعورنا جنبا إلى جنب بتلك الطريقة التي ندركها بها في تأن، لكنا لا نضع الواحدة في الأخرى، بل الواحدة بجانب الأخرى. ونحن باختصار نسقط الزمان على المكان، ونعبر عن الديمومة بألفاظ الامتداد. والتتالي «أو التعاقب» يتخذ في هذه الحالة شكل الخط المتصل أو السلسلة التي تتلامس حلقاتها دون أن تتداخل ...»
42 (21) (ب-2).
Shafi da ba'a sani ba