على مسطبة مكونة من مرتفع طبيعي من الأرض، خلف المدخل الجنوبي للحلبة في آشبي، نصبت خمسة سرادقات مهيبة، زينت برايات خمرية وسوداء اللون، وهما اللونان اللذان اختارهما الفارسان المتنافسان. وكانت حبال الخيام باللون نفسه. وأمام كل سرادق كان معلقا درع الفارس الذي يشغله، وبجانبه وقف تابعه، متنكرا تنكرا عجيبا في ملابس غريبة الأطوار. أما السرادق الذي كان في المنتصف، فقد كان مخصصا لبراين دي بوا جيلبرت، الذي جعلته شهرته في كل مباريات الفروسية يستقبل بترحاب شديد ضمن جماعة المتنافسين، بل إنهم اتخذوه رئيسا وقائدا لهم.
كان يشغل جزءا من خارج ساحة النزال أروقة مؤقتة مفروشة بلوحات نسيجية وسجاجيد، ومعدة بوسائد لراحة أولئك السيدات وهؤلاء النبلاء الذين كان يتوقع حضورهم للمباراة. وكان ثمة مساحة ضيقة، فيما بين هذه الأروقة وساحة النزال، مخصصة لصغار الملاك والمتفرجين من مرتبة أعلى من العامة، وربما تضاهى بالجزء الخلفي من قاعة مسرح.
كان أحد الأروقة، وهو المقابل تماما للبقعة التي كان يقع فيها النزال، أعلى من بقية الأروقة، وأكثر تزينا منها، ويمتاز عنها بما يشبه عرشا ومظلة، كانا مخصصين للأمير جون. في مواجهة ذلك الرواق الملكي، كان ثمة رواق بالارتفاع نفسه في الجانب الغربي من ساحة النزال، وكان أكثر بهاء، وإن كان أقل ترفا في زينته من ذلك المعد للأمير نفسه. وكانت مجموعة من الصبيان والوصيفات - أجمل من يمكن اختيارهم، يرتدون أردية بهيجة وفاخرة باللونين الأخضر والوردي - تحيط بعرش مزين بهذين اللونين مخصص لملكة الجمال والحب.
كان إيزاك، مرتديا بترف وعظمة سترة طويلة مزخرفة بالأربطة ومخططة ومبطنة بالفرو، ويسعى لإيجاد مكان في الصف الأول أسفل الرواق لابنته، الجميلة ريبيكا، التي كانت قد انضمت إليه في آشبي، والتي كانت حينئذ تتعلق بذراع أبيها. وبينما كان الأمير جون، معتليا صهوة جواد أصيل رمادي اللون، يدور نصف دورة داخل ساحة النزال على رأس مجموعة مرحة؛ لاحظت عيناه اللماحتان على الفور اليهودي، ولكنه كان أكثر انجذابا وانسجاما بكثير بابنة صهيون الجميلة.
كان يمكن لشكل ريبيكا بالفعل أن يضاهي جميلات إنجلترا الأكثر اعتدادا بأنفسهن؛ إذ كان قوامها متناسقا بإتقان، وأبرزه نوع من الزي الشرقي، الذي ارتدته تبعا لأزياء النساء من قومها. وكانت عمامتها، المصنوعة من حرير أصفر، تتناسب تماما مع سمرة بشرتها. شكل تألق عينيها، وتقوس حاجبيها الفاتنين، وأنفها المعقوف المتقن التكوين، وأسنانها البيضاء بياض اللؤلؤ، وغزارة خصلات شعرها السوداء المرتبة كل على حدة في لفات متموجة صغيرة؛ شكل كل ذلك آية من الجمال، لا يفوقها جمال أجمل الفتيات اللواتي أحطن بها. ومن المشابك الذهبية المرصعة باللؤلؤ، التي كانت تغلق سترتها من العنق إلى الخصر، تركت أول ثلاثة مشابك مفكوكة بسبب حرارة الجو، فكشفت عن عقد ماسي بدلايات نفيسة. كما ميزت اليهودية الجميلة ريشة نعامة مثبتة في عمامتها بمشبك مرصع بالماس.
قال الأمير جون: «بحق رأس إبراهيم الأصلع، لا بد أن هذه اليهودية هي المثال الأعلى لذلك الكمال، الذي فتن سحره أكثر الملوك حكمة على مر العصور! ما قولك يا رئيس الدير آيمر؟»
رد رئيس الدير، بنبرة ساخرة نوعا ما: «إنها وردة شارون وسوسنة الوادي، ولكن يجب أن تتذكر سموك أنها، مع ذلك، ليست إلا يهودية.»
أضاف الأمير جون دون أن يلتفت إليه: «أجل! وها هما رجلاي من أرباب الثروة الفاسقين أيضا؛ مركيز الماركات وبارون العملات البيزنطية، يتنافسان على مكان مع الكلاب المعدمة، الذين لا تحوي جيوب عباءاتهم الرثة صليبا واحدا يقيهم من الشيطان. بحق جسد القديس مرقس، ينبغي لأمير إمداداتي ويهوديته الجميلة أن يحظيا بمكان في الرواق! من هي يا إيزاك؟ زوجتك أم ابنتك، تلك الحورية الشرقية التي تمسك بها تحت ذراعك كما لو كنت تمسك بعلبة كنوزك؟»
رد إيزاك منحنيا: «إنها ابنتي ريبيكا، في خدمة سموك.»
قال جون وهو يجلجل من الضحك: «إنك رجل حكيم، ولكن سواء كانت ابنتك أو زوجتك فستحظى بالتفضيل بسبب جمالها ومزاياها.» واستكمل كلامه مادا عينيه إلى الرواق متسائلا: «من يجلس بالأعلى هناك؟ وضعاء ساكسونيون مسترخون ممددون! عار عليهم! لتجعلوهم يجلسون متقاربين، وليفسحوا مكانا لأمير المرابين وابنته الجميلة. سأجعل الفلاحين يعلمون أنه يجب عليهم أن يتقاسموا الأماكن العليا من المعبد مع من ينتمون حقا إليه.»
Shafi da ba'a sani ba