الفصل الخامس
عندما استكمل المسافران مسيرتهما مسرعين عبر عدة مسارات ملتوية، قطع الحاج الصمت أخيرا.
قال: «تحدد شجرة البلوط الكبيرة البالية تلك حدود الأراضي التي يدعي فرونت دي بوف أنها واقعة تحت سيطرته؛ فالآن لا خوف من المطاردة.»
قال اليهودي : «ليت عجلات مركباتهم تنخلع، كما حدث مع جيش فرعون؛ فيصعب سيرهم! ولكن لا تتركني أيها الحاج الصالح، وفكر في فارس الهيكل الهمجي الجبار وخادميه العربيين؛ فلن يراعوا أرضا ولا قصرا ولا سيادة.»
قال الحاج: «يجب أن يفترق طريقانا هنا؛ إذ لا يليق برجلين مثلي ومثلك أن يسافرا معا لأكثر مما تقتضي الحاجة. إضافة إلى ذلك، أي عون يمكنك الحصول عليه مني، أنا الحاج المسالم، في مواجهة وثنيين مسلحين؟»
أجاب اليهودي: «أيها الشاب الصالح، يمكنك الدفاع عني وأعلم أنك ستفعل. أنا فقير، ولكني سأجازيك، ليس بالمال؛ فلا أملك - لتساعدني يا أبانا إبراهيم - من المال شيئا سوى ...»
قال الحاج مقاطعا حديثه: «المال والتعويض، سبق وأن قلت لك إنني لا أريد منك ذلك. يمكنني أن أرشدك، وقد أتمكن حتى من الدفاع عنك نوعا ما؛ لذا سأتركك، أيها اليهودي، في أمان في صحبة ملائمة. نحن الآن لسنا ببعيدين عن بلدة شيفيلد، حيث يمكنك بسهولة العثور على الكثيرين من أبناء قومك الذين تستطيع أن تلجأ إليهم.»
قال اليهودي: «لتحل بركة يعقوب عليك أيها الشاب الصالح! ففي شيفيلد يمكنني أن ألوذ بقريبي زاريث، وسأجد وسيلة لمتابعة ترحالي بأمان.»
قال الحاج: «ليكن كما تقول؛ ولنتفرق إذن في شيفيلد، وبعد نصف ساعة من السير بالبغلتين ستصبح تلك البلدة على مرمى بصرنا.»
مر نصف الساعة وكلاهما في صمت مطبق، ثم توقفا على قمة ربوة مرتفعة قليلا، وأشار الحاج إلى بلدة شيفيلد، التي تقبع تحتهم، مكررا كلماته: «هنا إذن نفترق.»
Shafi da ba'a sani ba