استأنفت السيدة حديثها وهي تقدم له قطعة من الذهب قائلة: «اقبل هذا العطاء يا صديقي؛ عرفانا بالمصاعب الشداد التي لاقيتها وبالأماكن المقدسة التي زرتها.»
تلقى الحاج العطية بانحناءة أخرى وتبع إلجيثا إلى خارج الغرفة. أرشده آنولد إلى جزء وضيع من المبنى ، حيث عدد من الغرف الصغيرة، أو بالأحرى الصوامع، المعدة لمبيت الخدم الأدنى شأنا والغرباء من ذوي المراتب الدنيا.
قال الحاج: «في أي من هذه ينام اليهودي؟»
أجاب آنولد: «إن وجار الكلب الكافر في الصومعة المجاورة لقداستك. بحق القديس دونستان، كم ستحتاج إلى حكها وتنظيفها كي تعود صالحة لمبيت مسيحي؟!»
قال الغريب: «وأين ينام جيرث مربي الخنازير؟»
رد العبد: «جيرث ينام في الصومعة عن يمينك؛ إذ إن اليهودي في تلك التي عن يسارك.»
ألقى الحاج بجسده على الأريكة الخشنة بعد أن أخمد مشعله، ونام حتى وجد أول شعاع من أشعة الشمس طريقه عبر النافذة الصغيرة ذات القضبان؛ عندئذ انتفض مستيقظا. وبعد أن أدى صلوات الصباح وهندم ثوبه، غادر الصومعة، ودخل صومعة إيزاك اليهودي، رافعا المزلاق بهدوء.
كان النزيل مستلقيا في نوم قلق على أريكة، وكانت يداه وذراعاه تتحرك بارتعاش كما لو كان يجاهد كوابيسه، وسمعت هذه الهتافات بوضوح: «لأجل إله إبراهيم، اصفح عن رجل مسن تعيس! أنا فقير، أنا معدم. وإن مزقت أسلحتكم أطرافي إربا إربا فلن أستطيع أن أرضيكم!»
لم ينتظر الحاج حتى ينتهي اليهودي من رؤياه، وإنما هزه بعصا الحج التي كان يحملها. انتفض الرجل العجوز مستيقظا وثبت على الحاج عينيه السوداوين الحادتين، اللتين كانتا تفصحان عن مفاجأة عارمة وخشية.
قال الحاج: «لا تخش شيئا مني يا إيزاك؛ فقد أتيتك صديقا.»
Shafi da ba'a sani ba