150

توقفت فجأة، واغرورقت عيناها بالدمع، وسرعان ما مسحتهما، وأجابت عن تساؤلات روينا القلقة قائلة: «إنني بخير يا سيدتي، بخير، ولكن الألم يعتصر قلبي عندما أتذكر توركويلستون وساحة نزال تمبلستو. وداعا. يتبقى علي فعل شيء واحد، هو أتفه جزء من واجبي. اقبلي مني علبة المجوهرات هذه، ولا تفزعي مما فيها.»

فتحت روينا علبة المجوهرات الصغيرة المطعمة بالفضة، ورأت قلادة أو عقدا، وقرطين من الماس، كان من الواضح أنها ذات قيمة عظيمة.

قالت وهي تعيد إليها العلبة: «هذا مستحيل. لا أجرؤ على قبول هدية بمثل هذه القيمة.»

ردت ريبيكا: «ولكن احتفظي بها يا سيدتي؛ فأنت تملكين السلطان والمكانة والسيادة والتأثير، ونحن لدينا الثروة، مصدر قوتنا وضعفنا في الوقت نفسه. وقيمة هذه الألعاب، وعشرة أمثالها، لن يعادل تأثيرها نصف تأثير أبسط أمانيك. اقبليها يا سيدتي؛ فلا قيمة لها عندي؛ فلن أرتدي حليا بعد اليوم.»

قالت روينا مذهولة من الطريقة التي قالت بها ريبيكا كلماتها الأخيرة: «أنت حزينة إذن! أوه، ابقي معنا؛ فإن نصح الرجال المقدسين سيحولك عن شريعتك الخاطئة، وسأكون أختا لك.»

ردت ريبيكا بالهدوء الحزين نفسه الذي ساد صوتها الناعم وملامحها الجميلة: «كلا يا سيدتي، هذا لن يكون؛ فأنا لن أغير دين آبائي. إن الذي سأهب له قادم حياتي سيكون سلوتي إن أطعت مشيئته.»

سألت روينا: «ألديكم إذن أديرة تنوين أن تعتكفي في أحدها؟»

قالت اليهودية: «كلا يا سيدتي، ولكن بين قومنا، منذ زمن إبراهيم وإلى الآن، نساء كرسن أفكارهن للسماء، وأفعالهن لأعمال الخير للناس؛ من رعاية مريض، وإطعام جائع، وتخفيف عن مكروب. ستكون ريبيكا واحدة من هؤلاء. قولي هذا لسيدك، إذا ما خطر في باله أن يسأل عن مصير تلك التي أنقذ حياتها.»

كان في صوت ريبيكا رعشة لا إرادية، ورقة في نبرتها، ربما كانت تشي بأكثر مما كانت تنوي التعبير عنه. أسرعت لوداع روينا.

وقالت: «وداعا. وأدعو من خلقنا، نحن اليهود والمسيحيين، أن يغدق عليك أفضل بركاته! إن المركب الذي سيحملنا بعيدا سيكون جاهزا للإبحار قبل أن نصل إلى الميناء.»

Shafi da ba'a sani ba