الله وعذابه كما قدمنا آنفًا، ولا يرى له منة، وحقًا عند الله تعالى، بل يكون دائمًا في خوف، ووجل من ذنبه، راجيًا عفو مولاه؛ لأنه يعرف عصيانه، فيرجو له التوبة، والمعجب مغرور بعلمه، وعمله، فتوبته بعيدة، فهو من قبيل ﴿وَهُمْ يَحْسَبُونَ أَنَّهُمْ يُحْسِنُونَ صُنْعًا﴾ [ألكهف:١٠٤] فالعجب يصرف وجه العبد عن الله، والذنب يصرفه إليه؛ لأن العجب ينتج الاستكبار، والذنب ينتج الاضطرار، ويؤدي إلى الافتقار. وخير أوصاف العبد: افتقاره، واضطرارها إلى ربه، وعلى هذا يظهر لك سر الحديث، وما اشتمل عليه من الكنوز، والله أعلم.
١٣٢- "ما تقرب إلي العبد بمثل أداء فرائضي، وإنه ليتقرب إلي بالنوافل حتى أحبه، فإذا أحببته؛ كنت رجله التي يمشي بها، ويده التي يبطش بها، ولسانه الذي ينطق به، وقلبه الذي يعقل به، إن سألني أعطيته، وإن دعاني أجبته" ١. رواه ابن السني عن ميمونة.
ش- التقرب: طلب القربة، وأخذ المثوبة. والفرائض: جمع فريضة، بمعنى مفروضة، وأصل الفرض: القطع، وفي الشرع: ما أوجبه الله تعالى، وألزمه عباده، وهو أعم من أن يكون فرض عين، أو كفاية، والنوافل: جمع نافلة: الزيادة، والتنقل: التطوع. والحب: تقدم الكلام عليه غير مرة. والبطش: الأخذ بعنف. والقلب: تقدم الكلام عليه.
والمعنى: أن الله ﷿ أخبر أن العبد لم يتقرب إلى الله، ويتطلب القربة من رحمته، والمثوبة من عنايته به بوسيلة عمل إليه جل ذكره من الذي فرضه عليه، وألزمه به، وقدره، ويشمل ذلك فعل الواجبات، وترك المحرمات؛ لأن ذلك كله من فرائض
١ رواه أبو يعلى رقم "٧٠٨٧". وذكره الهيثمي في مجمع الزوائد"١٠/ ٢٧٠"وقال: رواه أبو يعلى، وفيه يوسف بن خالد السمتي، وهو كذاب. نقول: ويشهد له حديث أبي هريرة عند البخاري رقم" ٦٥٠٢".