إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث
إملاء
أبي البقاء العكبري الحنبلي ت ٦١٦ هـ
وثقه وعلق عليه
وحيد عبد السّلام بالى - محمّد زكي عبد الديم
الناشر
دار ابن رجب
1 / 1
"مَثَلُ الّذي يتعلم الحديث ولا يتعلم النحو مَثَلُ السرير لا رأس له".
شعبة بن الحجاج
"إن أخوف ما أخاف على طالب العلم إذا لم يعرف النحو أن يدخل في جملة قول النّبيّ ﷺ: "من كذب علي فليتبوأ مقعده من النّار"؛ لأنّه لم يكن يلحن، فمهما رَوَيْتَ عنه ولَحَنْتَ فيه كَذبتَ عليه".
الأصمعي
"فحق على طالب الحديث أن يتعلم من النحو واللُّغة ما يتخلص به من شَيْنِ اللحن والتحريف ومعرتهما".
ابن الصلاح
1 / 2
إتحاف الحثيث بإعراب ما يشكل من ألفاظ الحديث
1 / 3
حقوق النشر محفوظه للناشر
الطبعة الأولى: ١٤١٨ هـ - ١٩٩٨ م
الناشر
دار ابن رجب
ت: ٤٤١٥٥٠/ ٠٥٧
توزيع
دار أصداء المجتمع
بريدة ت: ٣٢٣٦٣٣٣
1 / 4
قالوا عن العكبري:
"كان إمامًا في علوم القرآن، إمامًا في الفقه، إمامًا في اللُّغة، إمامًا في النحو، إمامًا في العروض، إمامًا في الفرائض، إمامًا في الحساب، إمامًا في معرفة المذهب، إمامًا في المسائل والنظريات".
أبو الفرج بن الحنبلي
"كان يفتي في تسعة علوم، وكان واحد زمانه في النحو واللُّغة والحساب والفرائض والجبر والمقابلة، والفقه وإعراب القرآن والقراءات الشاذة".
عبد الصمد بن أبي الجيش
" كان متفننًا في العلوم، له مصنفات حسنة في إعراب القرآن وقراءاته المشهورة، وإعراب الحديث والنحو واللُّغة، وسمعت عليه، وَنِعْمَ الشَّيْخُ كان".
ابن النجار
1 / 5
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
1 / 6
بِاسْمِكَ اللَّهُمَّ!
اللَّهَ أَحْمَدُ على نعمة الإسلام، وكفئ بها نعمةً (١). وأشهد أن لا إله إِلَّا اللَّه وحده لا شريك له، وأشهد أن. حمدًا عبده ورسوله، صلّى اللَّه عليه وعلى آله وصحبه وسلم، خير من نطق الضاد، آتاه ربه جوامع الكلم وفواتحه وخواتمه. وبعد،
فلولا أن منَّ اللَّه على هذه الأمة بعلماء مخلصين حَرَصُوا على تبليغ كتاب اللَّه وسنة نبيه ﷺ، لماتت قرونٌ، ولعاش - من عاش منهم - يتفقه على مذهب أبي مُرَّةَ لعنه الله! ! .
وإن أحدًا لا يجرؤ أن يزعم أنّه سيأتي بأفْضَلَ ممّا أتى به أئمة العلم من قبل، بَلْهَ (٢) الزيادة عليه؛ فالخلف عيالٌ على السلف:
لَا تَعْرِضَنَّ بِذِكْرِنَا مَعْ ذِكْرِهِمْ ... لَيْسَ الصَّحِيحُ إِذَا مَشَى كَالْمُقْعَدِ
ولكن: كم ترك الأوّل للآخر! !
- قال ابن قتيبة ﵀! -: "وَلَمْ يَقْصُرِ اللَّهُ الْعِلْمَ وَالشِّعْرَ وَالْبَلَاغَةَ عَلَى عَصْرٍ دُونَ عَصْرٍ، وَلَا خَصَّ بِهَا قَوْمًا دُونَ قَوْمٍ، بَلْ جَعَلَ ذَلِكَ مُنْتَشِرًا فِي جَمِيع الأعْصَارِ .. ".
ولقد بلونا أخبار علمائنا الأعلام ممّا تركوه لنا من تراث مجيد، قل أن يوجد لأمة مثله، وأعني به مصنفاتهم، فمن مقل ومن مكثر. وأمّا في زماننا هذا فقد كثر
_________
(١) لم أبدأ - هنا بخطبة الحاجة؛ وذلك لأنّها إنّما وردت في معرض الخطابة لا الكتابة، كما اعتاد كثير من مصنفي هذا العصر، بل إنِّي - فيما علمت - لا أعرف أحدًا من السلف الذين صنفوا - ابتدءوا مصنفاتهم بتلك الخطبة، فَعُلِمَ أنّها مقصورة - لمن تمسك بالسُّنَّة - على افتتاح الخطب لا على افتتاح التصانيف ولم أر أحدًا - علم الله - أشار إلى هذا قبلي؛ فللَّه الحمد والمنة! . (أبو عبد الله).
(٢) يعني: دع.
1 / 7
الأمر، وبلغ السَّيْلُ الزُّبَى؛ فكم رأينا من كتب ورسائل صنفت، حتّى إن المطابع لتلفظ بالعشرات منها يوميًّا، بحقٍّ وبِلَغْوِ، وإلى اللَّه المشتكى! .
إن هناك أسبابًا داعية لتصنيف الكتب، ذكرها غير واحد من أهل العلم، منهم ابن الوزير اليمني ﵀! - حيث يقول:
" وأرجو - إن شاء اللَّه تعالى - ألَّا يخلو هذا المختصر من أحد المعاني الثمانية الّتي تصنف لها العلماء، بل من كلّ واحد منها، وهي:
اختراع معدوم، أو جمع مفترق، أو تكميل ناقص، أو تفصيل مجمل، أو تهذيب مطول، أو ترتيب مخلط، أو تعيين مبهم، أو تببين خطأ. كذا عدها أبو حيان، وتمكن الزيادة فيها" (١) اهـ.
وعليه فلا خير في تصنيف يخرج عن الأسباب السابقة أو ما ينبثق منها، وقد كان في أئمتنا من لا يحب التصنيف البتة، بل دفن بعضهم كتبه؛ كما حكى ذلك عنهم الخطيب البغدادي في "تقييد العلم".
وهذه ليست مصادرة للتصنيف مطلقًا، وإنّما هي أشبه بشكوى من خروج الأمر عن حده، فأقول ناصحًا نفسي وغيري: إن أولى بمن له جهد وسعي أن يُخْرِجَ كنوز الأمة من المخطوطات المدفونة في خزائن الكتب؛ ليقدمها إلى طلاب العلم الذين أحيا اللَّه بهم السنة؛ فَللَّهِ دَرُّهُّمْ وعليه شكرهم.
ولكن هذا المجال - أيضًا - دخله الدَّخَنُ، فواللَّه كم رأيت هاجمًا على كتب التراث يحققها - بزعمه! - فزعم أنّه يحقق وما هو إِلَّا يتفَسَّق، فكان كمن أراد أن يُطِبَّ زُكامًا فَجَعَلَهُ جُذَامًا، فاللهم سلم.
يقول الشّيخ الدكتور محمود الطناحي: " ..، ثمّ أخبرته أن مثل هذه الكتب الّتي ضني بها الأوائل، لا ينبغي أن نتواثب حولها ونركض، وأنّه يجب علينا أن نعطيها حظها من النظر والتأمل، وننظر إناها ونضجها، وأن نبذل من الجهد في
_________
(١) "إيثار الحق على الخلق" لابن الوزير اليمني، (ص ٢٧).
1 / 8
إخراجها ما يقارب ما بذل في تصنيفها".
ثمّ هو يقول عن جناية الجامعيين على نصوص التراث: " .. إذ كان فريق منهم اتخذوه (يعني التحقيق) مركبًا سهلًا للحصول على الشهادات الجامعية، والترقيات العلمية، وأصبح تراث الآباء نهبًا لكل مجترئ، لا يرجو للَّه وقارًا، ولا يرعى للعلّم حرمة، وقل الصرحاء، وكثر الأدعياء، وغاب الناقد البصير، فلا رقيب ولا حسيب، والكل يحطب في هوى المال والشهادات والترقيات. واندفع بعضهم في التحقيق والنشر يقفز ويركض، ينشر ثلاثة أصول من كتب النحو والصرف في أقل من ثلاث سنوات، والناس يهللون ويكبرون؛ لأنّهم يخلطون بين النشاط، والعجلة والاستخفاف، ولا يكادون يَفْرِقُونَ بينهما، والمحقق يمشي بين النَّاس مختالًا مزهوًّا، ثاني عطفه، كهذا الّذي:
أقْبَلَ يَخْتَالُ عَلَى ظِلِّهِ ... يَذْهَبُ فِي الأَدْنَى وَفِي الأَبْعَدِ
وماذا عليه وقد حصَّل الترقية العلمية وحاز المال، وظهر اسمه يتلألأ وسيما بالطيلسان الجامعي (الدكتوراة) يكاد سنا برقه يذهب باسم صاحب الكتاب القديم.
ولا تعجب، ولا تنكر من كثرة ما ينشرون؛ فإن تحقيق كتب التراث قد صار في هذه الأيَّام من أيسر الأمور وأقربها، وهذه هي خطواته ومراحله:
١ - نسخ الكتاب. واللَّه - وحده - هو الّذي يعلم من يقوم بنسخ الكتاب.
٢ - التعريف بالأعلام من كتاب خير الدين الزركلي ﵀ وسلخ مراجعه وإحالاته.
٣ - تخريج الآيات القرآنية من معجم محمّد فؤاد عبد الباقي، ﵀! .
٤ - تخريج الأحاديث من المعجم الّذي صنعه المستشرقون.
٥ - تخريج شواهد الشعر من كتاب شيخنا عبد السّلام هارون، وليته ما صنعه! .
1 / 9
٦ - صنع فهارس تقليدية ميتة باردة.
ثمّ يأتي السطو والإغارة على تعليقات الميمني (١) في (السِّمْط) وعضيمة في (المقتضب) ومن إليهما من شيوخنا الأجلاء الرواد. ولا بأس من التهويش ببعض الشروح اللغوية الّتي تعب من المعاجم عبًّا، وكثيرًا ما يقع في نقل هذه الشروح أخطاء فادحة؛ لعدم التنبه للمشترك اللفظي.
فهل في هذا ما يُعْنِتُ أوْ يُعْجِز (٢)؟ !
وأقول: للَّه درك يا رجل، وكيف لو علمت بما هو أعظم من هذا وأشنع؛ إن ناسًا أعرفهم بأعينهم يسلخون رسائل ماجستير ودكتوراة كاملة، فيقصونها بعد تصويرها، ثمّ ينزلونها - بعد تعديلها - في حواشيهم على كتبهم المحققة، زعموا! - دون طقوس أو مراسم أو إشارة من قريب أو بعيد إلى مصدرهم، فيبدو عملهم للقارئ الغر كمن رأى أئمة التحقيق على الحقيقة، فيضربون (٣) بأيمانهم على شمائلهم تعجبًا من علمهم وطربًا، وأمّا العالمون فيضربون بأيمانهم على شمائلهم حزنًا وأسفًا؛ لانفتاح قفل الفتنة! .
وهذه نفثة مصدور آخر، وهو الشّيخ الدكتور بكر بن عبد اللَّه أبو زيد، يقول - حفظه اللَّه!: " ... ومن التعالم: نفخ الكتاب بالترف العلّمي والتطويل الّذي ليس فيه من طائل، بل هو كالضرب في حديد بارد، وذلك في أعقاب ثورة الإنتاج الطباعي - تحت شعار التحقيق؛ بحيث يكون الأصل لو وضع في ظرف لوسعه؛ ثمّ يأتي "محضر نصوص" أو وراق نظيف (! !) (٤) باسم التحقيق، ويزيد في الطنبور
_________
(١) هو الشّيخ الهمام عبد العزيز الميمني الراجكوتي الهندي، ت (١٣٩٨ هـ)، وقد صنع له د. شاكر الفحام ترجمة ضافية، طبعت في ذيل "المقصور والممدود" ليحيى بن زكريا الفراء، (ص ١٢١)، نشر دار قتيبة سنة (١٤٠٣ هـ ١٩٨٣ م).
(٢) "كتاب الشعر" أو شرح الأبيات المشكلة الإعراب، لأبي علي الفارسي، صفحات: (ا، ب، ج) بتصرُّف - مكتبة الخانجي بالقاهرة، ط. أولى سنة (١٤٠٨ هـ -١٩٨٨ م).
(٣) يعني: القراء غير النابهين.
(٤) علامتا التأثر من عندي.
1 / 10
نغمة، وكده الإثقال بالحواشي والتعليقات، متوحلًا في خضخاض من الأغلاط.
ومن العجيب أنّهم يترجمون لكل من يمر ذكره من الصّحابة والتابعين والأعلام البارزين، ويعرفون بالمواضع المشهورة كـ "مكّة" و"المدينة" ... " (١).
وأرجو - بما قدمت في هذا التحقيق، وما أوردته، وبالمورد الّذي توردته، ألَّا أكون كالباحث عن حتفه بظلفه، والجادع مارن أنفه بكفه، فألحق بالأخسرين أعمالًا، الذين ضل سعيهم في الحياة الدنيا وهم يحسبون أنّهم يحسنون صنعًا.
.. وبعد، فإن تحقيق تراث أمتنا يحتاج إلى همة عالية، ونية صالحة، وشدة طلب وتحرٍّ؛ فكم من مريد للحق لم يصبه. وليعلم طالب العلم أن عليه - حتّى يكون علمًا بارزًا - أن يكون: "تقِيًا، ذكيًّا، نَحْوِيًّا، لغويًّا، زكيًّا، حييًّا، سلفيًّا، يكفيه أن يكتب بيديه مائتي مجلد، ويحصل من الدواوين المعتبرة خَمْسَمِائَةِ مجلد، وألا يَفْتُرَ من طلب العلم إلى الممات بنية صالحة وتواضع، وإلا فلا يَتَعَنَّ" (٢).
ومن أهم ما ينقص طالب العلم في هذه الأيَّام إقامة لسانه على لسان العرب وكلامهم؛ فأنت إذا كلمك أحد طلبة العلم الآن:
رَفَعَ المُضَافَ إِلَيْهِ وَالمَفْعُولَا
أو تكلم بما لم تتكلم به العرب ولم تعرفه، فكان في لسانه عجمة وإن انتسب إلى اللسان العربي. هذا عجب! .
قال أبو الحسين أحمد بن فارس ﵀! -: "وقد كان النَّاس قديمًا يجتنبون اللحن اجتنابهم بعض الذنوب، وأمّا الآن فقد تجوزوا، حتّى إن المحدث يحدث فيلحن، والفقيه يؤلف فيلحن، فإذا نُبِّها قالا: ما ندري ما الإعراب،
_________
(١) ينظر: "التعالم وأثره. على الفكر والكتاب"، د. بكر أبو زيد، (ص ٦١)، بتصرت. ط. أولى سنة (١٤٠٨ هـ).
(٢) من كلام الحافظ الذهبي في "سير أعلام البلاء" (١٣/ ٣٨٠).
1 / 11
وإنّما نحن محدثون وفقهاء. فهما يسران بما يساء به اللبيب" (١).
بقي أن يُعْلَمَ أن ابن فارس يتكلم عن أهل زمانه، . وقد مات الرَّجل سنة (٣٩٥ هـ)! .
وأمّا فضل النحو وتعلمه، فإليك بعض ما قيل فيه:
قال أبو بكر بن مجاهد: قال ثعلب: يا أبا بكر! اشتغل أصحاب القرآن بالقرآن ففازوا، واشتغل أصحاب الحديث بالحديث ففازوا، واشتغل أصحاب الفقه بالفقه ففازوا، واشتغلت أنا بزيد وعمرو، فليت شعري ماذا يكون حالي في الآخرة؟ ! . فانصرفت من عنده، فرأيت النّبيّ ﷺ تلك اللَّيلة في المنام، فقال لي: أقرئ أبا العباس مني السّلام وقل له: أنت صاحب العلم المستطيل.
قال أبو عبد اللَّه الرُّوذَبَارِيُّ العبد الصالح: أراد أن الكلام به يكمل، والخطاب به يجمل، وأن جميع العلوم مفتقرة إليه" (٢) اهـ.
وثعلب إمام من أئمة النحو، فيا لها من بشرى!
وقيل: [الكامل]
النَّحْوُ يَبْسُطُ مِنْ لِسَان الألْكَنِ ... وَالمَرْءُ تُكْرِمُهُ إِذَا لَمْ يَلْحَنِ
فَإِذَا أَرَدْتَ مِنَ الَعُلُومِ أجَلَّهَا ... فَأَجَلُّهَا مِنْهَا مُقِيمُ الأَلْسُنِ
ومصداقًا لقول القائل: والمرء تكرمه إذا لم يلحن، أقول: إن عكس ذلك صحيح، يعني: إن المرء ليسقط من العين بلحنة يلحنها ليس له فيها عذر ولا تأويل.
_________
(١) "الصاحبي"، لأبي الحسين بن فارس، تحقيق السَّيِّد أحمد صقر، ط عيسي الحلبي د. ت، (ص ٥٦، وينظر: "التعالم" (ص ٧٠).
(٢) أفادني هذه القصة بعض إخواننا - جزاه اللَّه خيرًا!، وهي في "تاريخ بغداد" (٥/ ٢١١)، و"نزهة الألباء" (ص ٢٩٨)، و"إنباه الرواه" (١/ ١٤٣ - ١٤٤)، ومقدمة الأستاذ عبد السّلام هارون لـ "مجالس ثعلب"
(ص ١٢)، وفي "مواسم الأدب" (١/ ١٥٠ - ١٥١).
1 / 12
وقد أسند الخطيب البغدادي في "جامعه" عن عمر بن الخطّاب ﵁ قال: تعلموا العربيّة؛ فإنها تزيد في المروءة. كما روى عن جماعة من السلف أنّهم كانوا يضربون أولادهم على اللحن.
قال الرحبي: سمعت بعض أصحابنا يقول: إذا كتب لحان، فكتب عن اللحان لحان آخر، فكتب عن اللحان لحان آخر، صار الحديث بالفارسية.
ولكن:
لا يطلب من كلّ أحد أن يتقن الخلاف بين البصريين والكوفيين؛ فهذا عَسِرٌ في هذه الأيَّام، والتخصصُ مطلوب، وقد قيل: إذا أردت أن تكون عالمًا فادخل في فن من الفنون،، وذلك لقصر العمر وذهاب أشياخ العلم الذين يُتَنَقَّلُ بينهم؛ فلو فتح إنسان باب كلّ علم - في مثل هذا العصر - لأتاه أجله قبل أن يحصل ما يريد.
نعم، يستحب لطالب العلم أن يُلِمَّ بمختصر مفيد في كلّ علم، لكن ليس على سبيل التبحر، سيما وقد ذهب أمثال الإمام أحمد وابن تيمية والسيوطي وأضرابهم؛ فإن الأوّل قال فيه الشّافعيّ ﵁: أحمد بن حنبل إمام في ثمان خصال: إمام في الحديث، إمام في الفقه، إمام في القرآن، إمام في اللُّغة، إمام في الفقر، إمام في الزهد، إمام في الورع، إمام في السنة.
وأمّا الثّاني، فكما هو ثابت في ترجمته ﵀! - أنّه كان إذا تكلم في علم ظُنَّ به أنّه لا يحسن غيره، فإذا تكلم في غيره وجد بحرًا.
وأمّا الثّالث، فإنّه زعم أنّه أتقن كلّ العلوم الشرعية وعلوم اللُّغة، حتّى قال عن نفسه وشانئيه: " ..، فإن ثَمَّ مَنْ ينفخ أشداقه ويدعي مناظرتي، وينكر عليَّ دعوى الاجتهاد والتفرد بالعلّم على رأس هذه المائة، ويزعم أنّه يعارضني، ويستجيش عليَّ بمن لو اجتمع هو وهم في صعيد واحد ونفخت عليهم نفخة صاروا
1 / 13
هباء منثورًا" (١) اهـ.
وقال أيضًا: وما أعلم أحد على ظهر الأرض أعلم بالعربيّة مني.
ومع أن أولئك الضخام كانوا أوعية علم، إِلَّا أن بعضهم لم يفتح عليه في بعض العلوم؛ فقد تعاصت بعض العلوم على بعض الأعلام المشاهير، ومنهم من صرح بذلك، "منهم الأصمعي في علم العروض، والرُّهَاوي المحدث في الخط، وابن الصلاح في المنطق، وأبو مسلم النحوي في علم التصريف، والسيوطي في الحساب ... " (٢).
وعليه، فيطلب من طالب العلم أن يتقي بوجهه ولسانه سوء اللحن في عربيته، ويبتعد عن أمثلة التعقيد والتقعر، فيكفيه أن يرفع المرفوع، وينصب المنصوب، ويخفض المخفوض، ويجزم المجزوم، وإياه وأمثال:
ظننت وظنَّاني شاخصًا الزيدين شاخصين، أو مثل: أعلمت وأعلمانيهما إياهما الزيدين العَمْرَيْنِ منطلقين، أو مثل: أزيدًا لم يضربه إِلَّا هو، أو: أأنت عبد اللَّه ضربته، أو مثل قول الفرزدق: [الطويل]
وَمَا مِثْلُهُ فِي النَّاسِ إِلَّا مُمَلَّكًا ... أبُو أُمِّهِ حَيٌّ أبُوهُ يُقَارِبُهْ
أو مثل ما ذكره أبو حيان في "تذكرة النحاة" (١/ ١١٦) من قولهم: أَيُّ أَيٍّ إن يَضْرِبْكَ أَيُّهُمْ إنْ يأتْنِا نكرِمْه تضرِبْه نَضْرِبْه.! ! ! .
قال العلّامة ابن رجب الحنبلي ت (٧٩٥ هـ) ﵀! -: " ...،
وكذلك التوسع في علم العربيّة لغة ونحوًا هو ممّا يشغل عن العلم الأهم، والوقوف
_________
(١) وذلك في كتابه: "الكشف عن مجاوزة هذه الأمة الألف" مخطوط بـ "ليدن"، برقم (٤/ ٧٤٠)، وينظر: "نظم العقيان في أعيان الأعيان"، للسيوطي (ص ١٧)، تحقيق فيليب حتّى، المكتبة العلمية.
(٢) "حلية طالب العلم"، د. بكر أبو زيد، (ص ٤٢)، مكتبة التوعية الإسلامية، ط. ثالثة سنة (١٤١٠ هـ - ١٩٨٩ م).
وفي "البحر المحيط" لأبي حيان: وكان أبو عبيدة معمر بن المثنى (على جلالته) يضعف في النحو.
1 / 14
معه يحرم علمًا نافعًا. وقد كره القاسم بن مخيمرة علم النحو وقال: أوله شغل وآخره بغي. وأراد به التوسع فيه.
وكذلك كره أحمد التوسع في معرفة اللُّغة وغريبها، وأنكر على أبي عبيدة توسعه في ذلك، وقال: هو يشغل عما هو أهم منه.
قال ابن رجب: ولهذا يقال: إن العربيّة في الكلام كالملح في الطّعام. يعني أنّه يؤخذ منها ما يصلح الكلام كما يؤخذ من الملح ما يصلح الطّعام، وما زاد على ذلك فإنّه يفسده" (١) اهـ.
ثمّ ليعلم - بعد هذا - أن الأصل في ضبط كلام النّبيّ ﷺ إنّما هو السماع والتلقي، يُسْنِدُهُ الراوي عن غيره إلى منتهاه ضابًطا له، مقيمًا لنحوه ولغته. ولهذا قيل: الإسناد من الدين. فربَّ حديث يروى على غير وجهه، والسر فيه أن راويًا لحن فيه، فنقله غَيْرُهُ عنه كما رواه له، وهكذا حتّى يصير الحديث بالفارسية كما قال الرحبي.
ولأن السماع مضى وانتهى، تعذَّر ضبط الحديث إِلَّا بالقواعد النحوية المعروفة، فَحَلَّ ضبط المطابع محل قول أمثال الأصمعي والخليل وأبي عمرو بن العلّاء: سمعت العرب تقول كذا، أو مثل قول المحدثين: حدّثنا، وسمعت، وعن، وأن. إن سيبويه - على مكانته - شكا حماد بن سلمة إلى شيخه الخليل بن أحمد؛ قال: سألته عن رجل رَعُفَ - هكذا - فقال لي: أخطات، بل هو رَعَفَ.
فقال الخليل: صدق، أتلقى أبا سَلَمَةَ بمثل هذا (٢)؟ !
فأين نحن من أولئك، وأين نحن من هؤلاء؟ !
_________
(١) "فضل علم السلف على الخلف" (ص ٢٣ - ٢٤)، جمع وتحقيق محمّد عبد الحكيم القاضي، دار الحديث. د. ت.
(٢) ينظر: "تدرب الراوي في شرح تقرب النواوي" للسيوطي (٢/ ١٠٦)، تحقيق عبد الوهّاب خلاف، دار التراث - القاهرة - ط ثانية سنة (١٣٩١ هـ - ١٩٧٢ م) ووقع فيه: "أتلقى أبا أسامة"، وهذا خطأ، نبهنا عليه بعض الإخوة جزاه اللَّه خيرًا، وقد وجدنا الرِّواية مسندة عند الخطيب البغدادي (ت ٤٦٣) في "الجامع لأخلاق الراوي" طبعة د. محمّد عجاج الخطيب، وفيها "أبا سلمة"، وهو الصواب؛ فإن حماد بن سلمة كنيته "أبو سلمة"، والله أعلم.
1 / 15
أُولَئِكَ آبَائِي فَجِئْنِي بِمِثْلِهمْ ... إِذَا جَمَعَتْنَا يَا جَرِيرُ المَجَامِعُ
لقد حكى الأستاذ محمّد عوامة في كتابه "أثر الحديث الشريف في اختلاف الأئمة" قصة تبين أن الأصل في ضبط الحديث النبوي إنّما هو السماع لا ضبط المطابع المعاصرة، يقول:
" ..، لكن دعاني إليه ما أحكيه للقراء (من المضحك المبكي) نقلًا عن شيخنا علامة حِمْص ونادرتها - رحمه اللَّه تعالى - حكى لي ذلك من قرابة تسع سنوات في منزلي بـ "حلب"، قال: دخل على المسجد قبل أذان الظهر رجل لا أعرفه، ثمّ سُمِّي لي ..، فجلس ينتظر الأذان، فلما قال المؤذن: اللَّه أكَبْرَ اللَّهُ أكَبْرَ - بفتح الراء - قال هذا الرَّجل بانتفاضة وغضب: هذا خطأ، هذا بدعة. فقال شيخنا: ما هو الخطا والبدعة؟ فقال: هذا مخالف لما في "صحيح مسلم". فكرر عليه شيخنا السؤال: ماذا في "صحيح مسلم"؟ فقال الرَّجل: الّذي في "صحيح مسلم": اللَّه أكبر اللَّه أكبر - بضم الراء - فقال له شيخنا بأدبه المعروف وسكونه: تلقيتم "صحيح مسلم" عن شيوخكم عن شيوخهم إلى الإمام مسلم أنّه روى الحديث بضم الراء؟ أو هو ضبط المطبعة؟ ! قال شيخنا: فسكتَ وسكتُّ، وصلّى وانصرف" (١).
نعم، لقد رحل السماع وانتهى، إِلَّا بقية من ضبط بعض أهل العلم الذين حفظوا لنا وعلينا حديث رسول اللَّه ﷺ، أمثال أبي سليمان الخطابي في "إصلاح غلط المحدثين"، والقاضي عياض في "مشارق الأنوار"، وابن حجر والبدر العيني في شرحيهما للبخاري، والقرطبي والنووي في شرحيهما لمسلم، وغيرهم ممّن عُنُوا بضبط الأحاديث كتابة في مصنفاتهم، إِلَّا أن الأمر لم يكن مستوعبًا،
_________
(١) "أثر اختلاف الحديث"، نشر در السّلام، هامش (ص ٣٥) - بتصرُّف.
ولست أذكر القصة هنا على سبيل الاحتجاج، بل للاستئناس فقط؛ فإن المنكر على المؤذن له وجه صحيح وله عذره، وأمّا سماع المعاصرين هؤلاء فلا يؤمن اللحن من قبِلِهِمْ، إِلَّا أننا قد نرى وجهًا لضبط "أكبر" بفتح الراء، وتكون منصوبة على الحال، ويكون التقدير: هذا اللَّه أكبر من كلّ شيء أو نحو ذلك، ولكننا لا نعلم رواية كهذه.
1 / 16
فكانت الكلمة بعد الكلمة، وإلا فلماذا وُجِدَ أمثال العكبري والسيوطي؟
إن ضبط الحديث وإعرابه - وخاصة مُشْكِلَهُ - لم يجدا - فيما أعلم - حَظَّهُمَا من تراث هذه الأمة على ضخامته، فلم يصل إلى أيدينا إِلَّا عملان يتيمان مختصَّانِ، كان أحدهما صنعة أبي البقاء العكبري، على ما سيأتي توضيحه بعد، والآخر كان للحافظ السيوطيّ ﵀! - بالإضافة إلى تلك اللمحات المنتقاة الّتي تعرض لها جمال الدين بن مالك صاحب الألفية المشهورة في النحو، وذلك في كتابه العظيم: "شواهد التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصّحيح" (١).
وأمّا مُصَنَّفُ السيوطيّ، فيعرف بـ "عقود الزبرجد على مسند الإمام أحمد"، ويصرح الإمام السيوطيّ في مقدمته أن العلماء: "لم يتعرضوا في إعراب الحديث النبوي سوى إمامين: أحدهما: أبو البقاء العكبري؛ فإنّه لما ألف إعراب القرآن المشهور أردفه بتأليف لطيف في إعراب الحديث الشريف،، والثّاني: جمال الدين ابن مالك؛ فإنّه ألف في ذلك تأليفًا خاصًّا بصحيح البخاريّ يسمى "التوضيح والتصحيح لمشكلات الجامع الصّحيح .. ".
"ولما رأى السيوطيّ أن كتاب العكبري لا يروي الغليل ولا يشفي العلّيل، نهض لتأليف كتاب في إعراب الحديث الشريف على مسند أحمد؛ قال في مقدمته: " ...، وقد استخرتُ اللَّهَ - تعالى - في تأليف كتاب في إعراب الحديث، مستوعب جامع، وغيث على رياض المسانيد والجوامع، جامع شامل للفوائد البدائع، شاف كافل بالنقول والنصوص كاف، أنْظِمُ فيه كلّ فريدة، وأسْفِرُ فيه النقاب عن وجه كلّ خريدة، وأجعله على مسند أحمد، مع ما أضمه إليه من الأحاديث المزيدة، وأرتبه على حروف المعجم في مسانيد الصّحابة، وأنشئ له من بحار كتب العربيّة كلّ سحابة" (٢).
_________
(١) وقد حققه الأستاذ محمّد فؤاد عبد الباقي، ونشره عالم الكتب.
(٢) "عقرد الزبرجد" (١/ ٦)، تحقيق أحمد عبد الفتاح تمام وسمير حسن حلبي، دار الكتب العلمية، ط. أولى سنة (١٩٨٧ م)، وينظر: "بناء الجملة في الحديث النبوي الشريف في الصحيحين"، د. عودة خليل أبو عودة، دار البشير - الأردن، ط. ثانية سنة (١٤١٤ هـ - ١٩٩٤ م) (ص ٧٦).
1 / 17
إِلَّا أن السيوطيّ فاته - فيما أزعم - بعض كتابات لأئمة فحول، اوْدَعُوهَا بطون مصنفاتهم، منها: ما صنعه الإمام الفاضل القاضي عياض المالكي المتوفي سنة (٥٤٤ هـ)، وذلك في كتابه الفذ "مشارق الأنوار على صحاح الآثار"، حيث عقد في أواخر كتابه بابًا في "ألفاظ وجمل في هذه الأصول (١) يحتاج إلى تعريف صوابها وتقويم إعرابها وتفهيم المؤخر من المقدم من ألفاظها وبيان إضماراتٍ مشكلة وعلى ما يعود المراد بها" (٢).
ومنها: ما أشار إليه القرطبي (٣) أبو العباس أحمد بن عمر في شرحه على "صحيح مسلم"، المسمى "المفهم لما أشكل من تلخيص كتاب مسلم"، وذلك في نبذ نحوية متناثرة.
ومنها: ما أبدعه أحد علماء الحنابلة، وهو الإمام ابن قيم الجوزية، المتوفى سنة (٧٥١ هـ) ﵀! - وذلك في كلامه على بعض المسائل النحوية والبلاغية في كتابه البديع: "بدائع الفوائد".
إِلَّا أن السيوطيّ ﵀! قد يكون معذورًا بسبب أنّه عنى انفراد الكتاب المصنِّف بإعراب الحديث دون التعرض لشيء سواه (٤).
ولعلّه من نافلة القول أن أقول: إن النحويين - كغيرهم إِلَّا من رحم اللَّه - لا يبالون بقوة الحديث من ضعفه، فيروون في كتبهم ما يَعْضُدُ مذهبهم من أحاديث (٥)
_________
(١) يعني الصحيحين وموطَّأ مالك.
(٢) "مشارق الأنوار" (٢/ ٣٥١)، طبع ونشر المكتبة العتيقة بـ "تونس" ودار التراث بـ "القاهرة" د. ت.
(٣) وهو شيخ القرطبي المفسر. توفي ﵀! - سنة (٦٥٦ هـ). وينظر ترجمته في: "شجرة النور الزكية" (ص ١٩٤)، و"الديباج المُذهَب" (١/ ٢٤٠)، تحقيق د. الأحمدي أبو النور، دار التراث، و"شذرات الذهب" (٥/ ٢٧٣)، و"هدية العارفين" (٥/ ٩٦).
(٤) وللدكتور أحمد محمّد الخراط مقال بعنوان "أضواه على حركة التصنيف في إعراب الحديث وغريبه"، نشرته مجلة المنهل بعددها الصادر في رجب (١٤١٧ هـ - نوفمبر ١٩٩٦ م).
(٥) على خلاف مشهور في جواز الاحتجاج بالحديث الشريف في القضايا النحوية. وينظر فيه: "الاقتراح" للسيوطي (ص ٥٢، ٥٣) تحقيق د. إبراهيم قاسم، و"عقود الزبرجد" له (١/ ٧ - ١١)، و"موقف النحاة من الاحتجاج بالحديث"، للدكتورة خديجة الحديثي، و"الحديث النبوي في النحو العربي"، للدكتور =
1 / 18
غير مستوثقين منها، ومثال ذلك: احتجاجهم بما زعم أنّه حديث، من قولهم: "نِعْمَ الْعَبْدُ صُهَيْبٌ؛ لَوْ لَمْ يَخَفِ اللَّهَ لَمْ يَعْصِهِ":
قال السخاوي في "الفتاوي الحديثية" (٢/ ١٢): "قد اشتهر في كلام الأولين وأصحاب المعاني والعربيّة من حديث عمر بن الخطّاب. وذكر الشّيخ بهاء الدين السبكي أنّه لم يظفر به في شيء من الكتب. وكذا قال جمع من أهل اللُّغة، ثمّ رأيت بخط شيخنا ﵀ أنّه ظفر به في "مشكل الحديث" لأبي محمّد ابن قتيبة، لكن لم يذكر له ابن قتيبة إسنادًا، وقال: أراد أن صهيبًا إنّما لم يعص اللَّه حياء لا لمخافة عذابه" (١) اهـ.
وأمّا ما قاله الفاضل أبو الحسنات اللَّكْنَوِىُّ ت (١٣٠٤ هـ) ﵀ في كتابه "الأجوبة الفاضلة" (ص ٣٥)؛ حيث قال:
"فإن قلت: فما بالهم أوردوا في تصانيفهم الأحاديث الموضوعة - مع جلالتهم ونباهتهم - ولم لم ينقدوا الأسانيد مع سَعَةِ علمهم؟ !
قلت: لم يوردوا ما أوردوا مع العلم بكونه موضوعًا، بل ظنوه مرويًّا، وأحالوا نقد الأسانيد على نقاد الحديث؛ لكونهم أغنوهم عن الكشف الحثيث؛ إذ ليس من وظيفتهم البحث عن كيفية رواية الأخبار، إنّما هو من وظيفة حملة الآثار؛ فلكل مقام مقال، ولكل فن رجال".
أقول: فهذا الّذي ذكره ليس بعذر لهم؛ لأنّ القوم قبل ذلك مسلمون، والمسلم منهي عن رواية حديث لا يدري صحته؛ ألم يقل النّبيّ ﷺ: "مَنْ حَدَّثَ عَنَّي بِحَدِيثِ يُرَى أَنهُ كَذِبٌ، فَهُوَ أحَدُ الكَاذَبِيْنِ" (٢)؟ !
_________
= محمود الفجال، و"النحاة والحديث النبوي للدكتور حسن الشاعر.
(١) ينظر: "سلسلة الأحاديث الضعيفة"، للشيخ الالباني، (٣/ ٥٦ - ٥٧)، مكتة المعارف - الرياض، ط. ثانية سنة (١٤٠٨ هـ)، والحديث قال عنه الألباني: موضوع.
(٢) أخرجه علم في مقدمه صحيحه.
1 / 19
المصنِّف (*) والكتاب
أمّا شيخنا صاحب الكتاب، فهو الإمام، المفسر، الفقيه، المُقرئ، الفرضي، اللغوي، النحوي: أبو البقاء، محب الدين، عبد اللَّه بن الحسين بن عبد اللَّه بن الحسين، العكبري، الحنبلي، البغدادي، الضرير.
مولده ونشأته:
ولد العكبري في سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة، قاله غير واحد. وأمّا نشاته فلا نعرف عنها شيئًا، إِلَّا أنّه أَضَرَّ في صباه بالجدري فَعَمِيَ. والظن بمثله من أهل
_________
(*) ينظر في ترجمته:
"إنباه الرواه على أنباه النحاه"، للقفطي، (٢/ ١١٦)، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم طبعة الهيئة المصرية العامة للكتاب (١٤٠١ هـ)، و"وفيات الأعيان"، لابن خلكان، (٣/ ١٠٠)، تحقيق إحسان عبّاس، دار الكب العلمية، د. ت، و"شذرات الذهب"، لابن العماد الحنبلي، (٥/ ٦٧)، دار الفكر (١٣٩٩ هـ)، و"البداية والنهاية"، لأبي الفداء ابن كثير، (١٣/ ٩٢)، دار الكتب العلمية، و"نَكْتُ الهِمْيَان في نكَتِ العُمْيَان"، للصفدي، (ص ١٧٨)، ط (١٣٢٩ هـ - ١٩١١ م)، و"بغية الوعاه في طبقات اللغويين والنحاه"، للسيوطي، (٢/ ٣٨)، تحقيق محمّد أبو الفضل إبراهيم، دار الفكر، ط ثانية (١٣٩٩ هـ)، و"المختصر من أخبار البشر"، لأبي الفداء (١٣/ ١٧)، ط. الحسينية.
وهناك دراسات تناولت العكبري وأخباره، منها:
١ - أبو البقاء العكبري وأثره في الدراسات النحوية، رسالة ماجستير، للطالب محمّد فؤاد أحمد على محيي الدين، بكلية دار العلوم، تحت رقم (١٣٧) بالمكتبة.
٢ - "رسالة دكتوراة لتحقيق كتاب "المتبع في شرح اللمع" لأبي البقاء، وهي مقدمة من عبد الحميد أحمد حماد، بكلية دار العلوم، تحت رقم (٧٥٨) بالمكتبة.
٣ - مقدمة د. عبد الرّحمن بن سليمان العثيمين لتحقيق كتاب العكبري "التبيين عن مذاهب النحويين"، دار الغد العربي، ط. أولى (١٤٠٦ هـ).
٤ - مقدمة د. غازي مختار طليمات لتحقيق كتاب العكبري "اللباب في علل البناء والإعراب"، نشر دار الفكر المعاصر - بيروت، ودار الفكر - دمشق. ط. أولى سنة (١٤١٦ هـ - ١٩٩٥ م).
1 / 20