Ittihaf Abna Casr
إتحاف أبناء العصر بتاريخ ملوك مصر
Nau'ikan
ولما علم كريزوس بنصرة العجم على الميديين فبالنسبة لقرابته لإستياج «صهره» عزم على كسر شوكة الأعجام، وكان قد أخبره أحد كهنة المعبود «دلفوس» أنه إذا تعدى نهر قزيل يرموق لخرب مملكة عظيمة، فنظرا لذلك قام لمجادلة الأعجام، فالتقى الفريقان في محل متسع أمام مدينة «سردوس» قاعدة سلطنة الليديين، وتم الأمر بهزيمة الملك كريزوس، ووقع في قبضة الأسر، فأمر قيروش بإلقائه في النار، فصاح ملك الليديين قائلا: «سولون»، ثلاث مرات. فأراد قيروش أن يستفهم عن سبب ذلك، فقص عليه القصة، فلما سمع ذلك قيروش أخذته الرأفة، وخاف من تقلب الأزمان وأطلق سبيل كريزوس، وعامله بالإحسان، وكان في أغلب الأوقات يستشيره في مشروعاته.
وبعد أن أخضع قيروش آسيا الصغرى، هجم على مدينة بابل، ولم يمكنه الاستيلاء عليها؛ بالنسبة للحصون والقلاع المحصنة، فتصنع بحيلة، وهي أنه أمر بتحويل مياه نهر الفرات إلى بحيرة صناعية، فنقصت المياه إلى أن صارت لقرب الرضفة ، فدخل الفرس المدينة؛ حيث كانت الأهالي مشتغلة بيوم العيد، فلم يروا إلا مساء دخول الفرس عليهم، واستولى قيروش على المدينة، وقتل أحد قواده المدعو باسم «دارا الميدي» الملك بلطازار بن نابونيد كما تقدم.
وبعد ذلك بسنتين ترك سبيل القوم العبرانيين الذين كانوا بمدينة بابل مأسورين، وأذن لهم ببناء هيكل أورشليم «بيت المقدس» بالثاني، وذلك سنة 536ق.م.
وبعد أن أتمم فتوحاته رجع إلى محاربة الماساجيتيين، أمة من السيتيين، «يأجوج ومأجوج، قوم من الأتراك» كانوا قاطنين حوالي شاطئ بحيرة الخزر، فلم يمكنه إطاعتهم، فتصنع الملك بترك معسكره، فدخل جند الماساجيتيين، وشربوا النبيذ الذي تركوه الأعجام فغابت عقولهم، فعاد قيروش ومن معه، وقتلوا خلقا كثيرا منهم، فقتل ابن ملكتهم «توميريس»، فأرادت هذه الملكة أن تأخذ بثأر ولدها، فعقدت الحرب والقتال مع ملك فارس، فتم الأمر بنصر الماساجيتيين على الأعجام، وقتل قيروش في أثناء ذلك، ويقال إن «توميريس» المذكورة قطعت رأسه وغمرتها في قربة مملوءة بدم القتلى وهي تقول: «فلأشبعنك من دم البشر الذي كنت ترتوي منه مدة حياتك.» ومات قيروش سنة 529ق.م، وترك ولدين الأكبر منهما يدعى قمبيز، كان قد تقلد من بعده بتاج المملكة الفارسية، والأصغر يدعى «سمرديس» كان قد تقلد بالعمل على ولاية بلاد بكتريان من أعمال سلطنة فارس، بشرط أن لا يدفع لأخيه خراجا، وإنما يعترف له بالأعلوية السياسية، ولما تولى قمبيز وجد همته لأن يشهر نفسه بالفتوحات، فقام أولا لفتح الديار المصرية كما تقدم. (3) في تاريخ الليديين
اعلم أن مملكة الليديين كانت مملكة واقعة في غربي آسيا الصغرى، وكان قيروش فتحها بعد أن فتح مملكة الميديين، وكان تختها مدينة «سردوس»، وهي مدينة على ملتقى نهري بكتول وهرموس، وكانت مياه نهر البكتول، تحتوي على صفائح ذهبية، ومن هناك أتت ثروة ملوك ليديا التي طالما بولغ في كثرتها. (3-1) ذكر قندول وجيجيس
وقد مكثت هذه المملكة مدة طويلة وهي خاملة الذكر، وكان يحكمها الهرقيليون «أي ذرية هرقول»، وآخر الهرقيليين هو «قندول»، وقد حكى أفلاطون وسيسورون أن أحد رعاة الملك المسمى جيجيس وجد في صورة حصان من نحاس أصفر خاتما عجيبا خاصيته إخفاء من كان حامله عن أعين الناس، فأخذه جيجيس، وبواسطة هذا الطلسم دخل قصر قندول وقتله واغتصب الملك، وهذه القصة رويت عن هيرودوت ورويت بعبارات أكثر قبولا للعقل من هذه، وهي أن سبب قتل الملك قندول أنه ذات يوم أمر امرأته أن تكشف وجهها على جيجيس، فلما وجدت ما حصل لها من الإساءة؛ حيث كانت هذه العادة مذمومة عند أهل الشرف، فعزمت الملكة على أن تعاقب من أخل بشرفها، وعزمت أن لا تخلي سبيل جيجيس، وقالت له: «إما أن تقتل قندول الملك وإما أن تقتل نفسك»، وبناء على ذلك قتل الملك وجلس على كرسي الملكة، وذلك سنة 738ق.م.
إغارة السميريين على آسيا الصغرى
وكان لليونان جملة نزل على سواسل آسيا الصغرى، وهذه النزل كانت تمنع الليديين من الوصول إلى البحر، فقام جيجيس المذكور، وحارب سكان النزل اليونانية، واستولى على مدينة كلوفون، فلما مات سنة 720ق.م قام ابنه المدعو أرديس، وأخذ مدينة بريين وهدد مدينة «ميلته» ثم هلك هو وجيوشه في إغارة السميريين الذين طردهم السيتيون من بلادهم، فأتوا إلى آسيا الصغرى وهجموا عليها هجمة السيل على الأباطح، فأغرقوها في بحر ظلمهم، ودخلوا مدينة «سردوس»، ولا نعلم ما فعلوه هؤلاء الأقوام، لكنهم قد انقرضوا بالحروب شيئا فشيئا، وفي سنة 617ق.م قام «أليات»، وطرد من بقي منهم من بلادهم، وكان في ذلك العصر حصلت إغارة السيتيين على بلاد ميد كما تقدم.
وفي سنة 610ق.م حصلت بين الليديين والميديين حروب طويلة انتهت بالصلح عندما شاهدوا حادثة كسوف الشمس، وتزوج إستياج بن سياكزار ملك ميد بابنة ملك الليديين «أليات»، وحصل بين الفريقين جملة مواثيق وعهود. (3-2) ذكر كريزوس بن أليات
ولما مات أليات قام بالأمر بعده ابنه «كريزوس»، وهو آخر ملوك هذه الدولة، وكان ملكا قد اشتهر في الأزمان السالفة والأحقاب الخالية بالغناوة والثروة، فلما علم بأن قيروش هزم إستياج صهره قام لمساعدته كما تقدم، فالتقى مع جيوش الفرس، ووقعت بينهما مقتلة شديدة هلك فيها نفوس عديدة من الطرفين، إلا أنه لم تتحقق النصرة لأي من الفريقين حتى دخل الليل، فانتهى بذلك الحرب، فعاد كريزوس إلى مدينة «سردوس» التي هي قاعدة سلطنته ومركز حكومته وبعث يطلب المدد من الديار المصرية وبابل ولقدمونيا «ببلاد اليونان» لما كان بينه وبينهم من العهود، وعزم على أن يعود بالحرب في فصل الربيع الآتي، ثم بلغ الخبر ملك الفرس بأن كريزوس اعتمد على طول المدة وفرق شمل جنوده، فبادر في الحال ملك الفرس وحاصر مدينة سردوس، فجمع ملكها ما قدر عليه من العساكر، والتقى الصفان والتحم الجيشان في سهل متسع عظيم مكشوف أمام مدينة سردوس المذكورة عند ملتقى نهري هيلوس وهرموس، وهو النهر المعروف الآن بنهر «شرابات أو القادوس» بالقرب من مدينة أزمير، فهزمت الجيوش الليديون شر هزيمة، وانحصر الملك كريزوس في مدينته أربعة عشر يوما من ذلك الحصار، هجم ملك العجم بجنوده على تلك المدينة، فدفعهم القوم المحصورون في أول الأمر، وكان بعض جنود الفرس قد لحظ بالأمس طريقا يوصل إلى مكان من سور القلعة، فأرشد إخوانه إليه، وصعد عليها وتبعه كثير من أصحابه، وبذلك دخل قيروش المدينة وزالت مملكة الليديين. (4) في تاريخ الكنعانيين والفنيقيين
Shafi da ba'a sani ba