91

فإن قيل: ما تنكرون على البرهمي إن ادعا أن ذلك ليس بشبهة ، بل هو حجة ، ويوجب إبطال النبوات؟

قيل له: جوابه أنا نبين أن البعثة يجوز أن تصير واجبة ، بأن يعلم الله عز وجل أنها لطف للمكلفين ، فإذا ثبت ذلك فلو كانت واجبة لم يكن لها طريق إلا المعجز ، فكل ما أدى إلى إبطال المعجزات أجمع ، فيجب على الله المنع منه .

فإن قيل: بين هذه الأشياء التي ذكرتم ، وبين ما يكون جنسه مقدورا للعباد ، أن هذه الأشياء لو وقعت عند ادعاء الكاذب النبوة ، لكان الله هو الفاعل لها على وجه يقبح ، والله عز وجل لا يفعل القبيح ، وما يكون جنسه تحت مقدور العباد لو وقع لوقع من مردة الشياطين ، ولا يمتنع وقوع القبائح منهم .

قيل له: لا فرق في هذا الباب بين فعل القبيح والانصراف عن الفعل الواجب ، لأن الله تعالى كما لا يجوز أن يفعل القبيح ، لا يجوز أن يدع فعل الواجب ، لأن كل واحد منهما لا يكون إلا من محتاج أو جاهل ، أو من يكون بالصفتين جميعا ، ويتعالى الله عن ذلك !! وإذا كان هذا هكذا ، فلا فضل في أن يفعل تلك الأشياء عند دعوى الكاذب مع قبحها ، وأن (¬1) هذا انصراف عن فعل الواجب ، وذلك فعل القبيح ، ولا فضل بينهما ، وأن كل واحد منهما لا يجوز على الله عز وجل .

Shafi 143