199

وكذلك من ينظر في الكف . إنما يخبر عن جمل الأحوال ، ولهم كلام في ذكر الأمارات الدالة على الأمور ، والأوراق المصنفة لهم في ذلك ، يذكرون حال العظم ، وما يظهر فيه من النقط والتخطيط ، ومواضع ذلك من العظم الذي هو الكف ، وليس يمكنهم الخبر عن تفاصيل الأمور ، وأكثر ما يحكى من ذلك حكايات يغلب على الظن أنها كذب ، وإن صح شيء من ذلك فعلى سبيل الاتفاق ، على أنه يجوز أن تكون الأمارات مما يظهرها الله عز وجل على مجرى العادة لكل ناظر . هذا إن صح ما يدعا من ذلك . وليس الاخبار عن الغيوب التي يتضمنها القرءان مشابها لشيء من ذلك ، فبان وصح أنه وارد من عند علام الغيوب .

فإن قيل: ما أنكرتم على من قال لكم: يجوز أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم ظفر ببعض أحوال الأنبياء المتقدمين صلى الله عليهم عن تلك الغيوب ، فادعاه لنفسه ؟!

قيل له: لا يخلو وقوع ما سألتم عنه إليه صلى الله عليه [وآله وسلم] إن كان على ما ذكرتم - ومعاذ الله من ذلك - أن يكون على طريق التواتر أو على طريق الآحاد ، ولا يجوز أن يكون على سبيل التواتر ، لأن ذلك يوجب كون تلك الأخبار ظاهرة في زمانين بين أهل الكتاب . والمعلوم خلاف ذلك .

ولا يجوز أن يكون وقوعه على طريق الآحاد ، لأن ذلك مما لا تسكن النفس إليه ، ولا يجوز أن يعتمده العاقل في بناء الأمر عليه ، على ما بيناه في نظائره فيما تقدم من كلامنا في هذا الكتاب .

فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم سمع تلك الأخبار ممن شاهده ورءآه ، واتفق صدقه بما شاهده من معجزاته فأظهرها ، وادعا أنه عرفها بالوحي ؟

Shafi 253