162

ومن أقسام الفصاحة ما يسميه أكثر أهل الصنعة: المطابق ، وهو إيراد لفظتين يفيد كل واحدة منهما ضد ما تفيده الأخرى ، نحو قوله عز وجل: { إن الحسنات يذهبن السيئات } [هود: 114] ونحو قوله: { يوم تبيض وجوه وتسود وجوه } [آل عمران: 106] ، وقوله عز وجل: { يضل من يشاء ويهدي من يشاء } [النحل: 93] ، وقوله: { إن الأبرار لفي نعيم (13) وإن الفجار لفي جحيم (14) } [الإنفطار] ، وقوله: { وما يستوي الأعمى والبصير (19) ولا الظلمات ولا النور (20) ولا الظل ولا الحرور (21) وما يستوي الأحياء ولا الأموات } [فاطر] ، وقوله: { هذا عذب فرات وهذا ملح أجاج } [الفرقان: 53] ، وقوله: { فأما من أوتي كتابه بيمينه } [الحاقة: 19] ، وقوله: { وأما من أوتي كتابه بشماله } [الحاقة: 25] ، وهذا النوع في القرءان كثير ، بحيث يكاد يتعذر إحصاؤه .

ولكنا قد نبهنا على الجميع بالجملة التي أوردناها ، وإنما كثر هذا في القرءان لأن كثرته لا توجب للكلام نبوا عن السمع ولا تنافرا ، كما يوجبه التجنيس .

ومن أقسام الفصاحة: الفواصل ، وهي الأسجاع . ومن الناس من كره تسميتها بالأسجاع إذا كانت في القرءان ، والكلام فيه خارج عن غرضنا ، لأن بيان المراد يغني عن الاشتغال بالتسمية ، وهذه العوامل تكثر في القرءان ، وتتجاوز حد الاحصاء والعد .

وأول ذلك في فاتحة الكلام ، كقوله: { ملك يوم الدين (4) إياك نعبد وإياك نستعين (5) } [الفاتحة] ، ثم في سائر السور إلى آخر القرآن .

Shafi 216