Tabbatar da Annabci
إثبات نبوة النبي
Nau'ikan
ألا ترى أنا كما لا نجوز (¬2) أن يبلغ الانسان بقوة دواعيه ، ووفور بواعثه ، وشدة عنايته ، إلى أن يحتال حتى يطير كالنسر أو العقاب ، وإن كان الطيران جنسه في مقدورنا ، لأن ذلك ليس أكثر من أكوان واقعة على وجوه مخصوصة ، وكذلك لا يجوز أن يحصل الانسان بشيء من ذلك إلى أن ينقل بعض الجبال الراسيات عن مواضعها ، وإن كان جنسه في مقدونا ، ونظائره أكثر من أن تحصى .
فبان أن القول بما يؤدي إلى أن يلتبس ما يتعذر بما لا يتعذر ، مما لا يصح ويجب بطلانه . وسواء قيل ذلك فيما يكون جنسه تحت مقدورنا أو لم يكن .
على أن الذي قالوه لو كان صحيحا ، لأدى إلى أن لا تقع الثقة بشيء من المعجزات ، وما جرى هذا المجرى من الشبه التي لا يمكن حلها ، يجب على القديم عز وجل المنع منه ، على ما سلف القول فيه . فكان يجب عليه عز وجل أن لا يقع إيراد مثله ابتداء الغاية,أو يمنع أن يأتي به المتخرص على وجه ينقض العادة .
فإن قيل: هذا الذي بنيتم استدلالكم عليه فاسد ، لأنه يؤدي إلى أن السبق إلى الشيء يوجب كونه معجزا ، وقد علمنا فساده ، لأن أمورا كثيرة تتجاوز الاحصاء والعد ، قد وقع إليها السبق ، كالصناعات والمهن وما جرى مجراها ، وكثير من العلوم ، وليس يكون شيء من ذلك معجزا .
قيل له: من تأمل كلامنا لم يسأل هذا السؤال ، لأنا لم نقل: إن الابتداء بالقرءان فقط يدل على أنه معجز ، وإنما قلنا: إنه وقع على وجه انتقضت به العادة ، لأن العادة جارية بأن الأمر المبتدأ به لا يجوز وقوعه على الغاية في الباب المقصود إليه ، وأوضحنا ذلك وكشفنا عن صحة ما قلناه .
Shafi 171