مَعًا فِي الرَّد على البراهمة فِي القوادح الَّتِي قدحت فِي جملَة الاسلام وَذَلِكَ أَن نعتقد أَن الْحق فِي تِلْكَ القوادح التفصيلية هُوَ فِيمَا جَاءَ من عِنْد الله بِدَلِيل المعجزات الباهرات ونعلم أَن للبصائر أوهاما فِي الخفيات من الاحكام مثل مَا ثَبت للابصار فِي الخفيات من الأوهام فَلَا نتبع فِي الخفيات وهم البصائر وَلَا وهم الْأَبْصَار فنكون كمن قدم ضوء النُّجُوم على ضوء النَّهَار بل نتتبع الْجَلِيّ من الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول ونرد اليه الخفيات على الْعُقُول وننتفع بالجلي ونقف فِيمَا دق وخفي ونصنع فِي الِانْتِفَاع بالبصائر كَمَا صنعنَا فِي الِانْتِفَاع بالأبصار وَلَا نقف الْجَلِيّ على الْخَفي وَلَا نرجح الْخَفي على الْجَلِيّ فَهَذَا مَا لَا يخفى تَرْجِيحه عقلا وَلَا سمعا
أما الْعقل فَلِأَن الانسان يحسن مَا يُحسنهُ وَمَا لَا يُحسنهُ وَمَا يعرفهُ وَمَا يجهله كَمَا يحسن الْجُوع والظمأ وَالْبَصَر والعمى وَأما السّمع فَلقَوْله تَعَالَى ﴿وَلَا تقف مَا لَيْسَ لَك بِهِ علم﴾ وَإِذا أردْت معرفَة هَذَا من غير تَقْلِيد فطالع كتاب الملخص للرازي فِي علم اللَّطِيف وَكتاب التَّذْكِرَة لِابْنِ متويه وَلَا تقتصر على التَّذْكِرَة فانها مختصرة مَعَ أَن كتاب الرَّازِيّ مَعْدُود فِي الوسائط فِي هَذَا الْفَنّ لَا فِي البسائط وَمن البسائط فِيهِ شرح الملخص هَذَا للكاتبي وَشرح التَّنْبِيهَات والاشارات للخواجه ذكر ذَلِك ابْن ساعد الانصاري فِي كِتَابه ارشاد القاصد إِلَى الْمَقَاصِد فِي ذكر أَنْوَاع الْعُلُوم والمصنفات فِيهَا
وَأما الأَصْل الثَّانِي وَهُوَ السمعي فَهُوَ اخْتلَافهمْ فِي أَمريْن أَحدهمَا فِي معرفَة الْمُحكم والمتشابه أَنفسهمَا والتمييز بَينهمَا حَتَّى يرد الْمُتَشَابه إِلَى الْمُحكم وَثَانِيهمَا اخْتلَافهمْ هَل يعلمُونَ تَأْوِيل الْمُتَشَابه ثمَّ اخْتلَافهمْ فِي تَأْوِيله على تَسْلِيم أَنهم قد عرفُوا الْمُتَشَابه ولنذكر سَبَب وُقُوع الْمُتَشَابه على الْعُقُول من حَيْثُ الْحِكْمَة والدقة فِي كتب الله تَعَالَى أَولا
وَالْمَشْهُور أَن سَببه الِابْتِلَاء بِالزِّيَادَةِ فِي مشقة التَّكْلِيف لتعظيم الثَّوَاب وَهَذَا أنسب بالمتشابه من حَيْثُ اللَّفْظ وَأما أَنا فَوَقع لي أَن سَببه زِيَادَة علم
1 / 86