مَا يحاوله وَلَا نزاغ من الْعُقَلَاء أَنه كَانَ من أوفر النَّاس عقلا وَأَحْسَنهمْ تدبيرا وأرجحهم علما قَالَ بعض العارفين فادم كَانَت أوامره بنصرته لأولاده لَا تحصى ونوح عهد إِلَى أَتْبَاعه باتباعه ووصى والخليل كَانَ أَكْثَرهم اجْتِهَادًا فِي ذَلِك وحرصا وَبَنوهُ تواصو بِهِ وَإِسْمَاعِيل أَكْثَرهم فحصا وتوراة مُوسَى نطقت بنعته وَصِفَاته وأبانت عَن مَعَانِيه وآياته وأوضح براهان على ذَلِك وَدَلِيل ﴿أَو لم يكن لَهُم آيَة أَن يُعلمهُ عُلَمَاء بني إِسْرَائِيل﴾ وزبور دَاوُد أفْصح بِصدق معجزاته واعرب عَن ظُهُور بيناته وإنجيل عِيسَى شهد بِأَنَّهُ الْخَاتم الَّذِي يشْكر دينه ويحمد وَصرح بِهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَمُبشرا برَسُول يَأْتِي من بعدِي اسْمه أَحْمد﴾ وَالْأَخْبَار ببعثه من الْأَحْبَار أَكثر من أَن تذكر يجدونه مَكْتُوبًا عِنْدهم فِي التَّوْرَاة والانجيل يَأْمُرهُم بِالْمَعْرُوفِ وينهاهم عَن الْمُنكر
فاسمع أنباءهم يعرفونه كَمَا يعْرفُونَ أَبْنَاءَهُم وَمن صفته فِي التَّوْرَاة على مَا ثَبت فِي صَحِيح البُخَارِيّ (يَا أَيهَا النَّبِي إِنَّا أَرْسَلْنَاك شَاهدا وَمُبشرا وَنَذِيرا وحرزا للاميين أَنْت عَبدِي ورسولي سميتك المتَوَكل لَيْسَ بِفَظٍّ وَلَا غليظ وَلَا سخاب فِي الاسواق وَلَا يجزى بِالسَّيِّئَةِ مثلهَا وَلَكِن يعْفُو وَيغْفر وَلنْ يقبضهُ الله تَعَالَى حَتَّى يُقيم بِهِ الْملَّة العوجاء بِأَن يَقُولُوا لَا إِلَه إِلَّا الله يفتح بهَا آذَانا صمًّا وَأَعْيُنًا عميا وَقُلُوبًا غلفًا) ذكر فِي تَفْسِير قَوْله تَعَالَى ﴿وَإِذ أَخذ الله مِيثَاق النَّبِيين لما آتيتكم من كتاب وَحِكْمَة ثمَّ جَاءَكُم رَسُول مُصدق لما مَعكُمْ لتؤمنن بِهِ ولتنصرنه﴾ كَمَا رُوِيَ فِي تَفْسِيرهَا عَن عَليّ وَابْن عَبَّاس ﵄ أَن الله مَا بعث نَبيا إِلَّا وَأخذ عَلَيْهِ الْمِيثَاق لَئِن بعث مُحَمَّد وَهُوَ حَيّ ليُؤْمِنن بِهِ ولينصرنه
النَّوْع السَّادِس اخباره عَن الغيوب وَصدقه فِي ذَلِك وَهَذَا بَاب وَاسع مَعْلُوم بالتواتر الضرورى لأهل الْمعرفَة بالأخبار والتقصي فِيهِ يخرجنا عَمَّا قصدناه من الِاخْتِصَار فليطالع فِي مظانه فانما الْقَصْد الاشارة وَفِي الْقُرْآن مِنْهُ الْكثير الطّيب كَمَا ذكره الْمُؤَيد بِاللَّه ﵇ وَغَيره مثل الجاحظ
1 / 82