القَوْل فِي ذَلِك وَقد جمعه ﵇ فِي كِتَابه فِي النبوات وجوده وَإِن كَانَ قَالَ ﵇ أَنه لم يزدْ على ماقالوه وَإِنَّمَا أوجز من كَلَامهم مَا جعله الْبسط متباعد الْأَطْرَاف أَو بسط مَا جعله الايجاز خَفِي الاغراض فقد أَفَادَ وأجاد وَأحسن وَزَاد فَيَنْبَغِي مُطَالبَة كِتَابه فِي ذَلِك وَكتاب الجاحظ فِيهِ أَيْضا فانه السَّابِق لَهُ ﵇ إِلَى ذَلِك وَالْمَشْهُور بالتجويد فِي هَذِه المسالك
وَمن نَفِيس كَلَامه فِي ذَلِك قَوْله وَمن الدَّلِيل على اعجاز الْقُرْآن أَن النَّبِي ﷺ ابْتَدَأَ الاتيان بِهَذَا الْقُرْآن على غَايَة الاحكام والاتقان وَقد ثَبت جَرَيَان الْعَادة أَن كل أَمر يَقع على وَجه لَا يَصح وُقُوعه عَلَيْهِ إِلَّا بعلوم تحصل للْفَاعِل لَهُ لَا يَصح وُقُوعه ابْتِدَاء على غَايَة الاحكام والاتقان وَأَن بُلُوغه الْغَايَة يتَعَذَّر إِلَّا على مر الدهور والأعصار وتعاطي جمَاعَة فجماعة لَهُ وانه لَا فرق فِي ذَلِك بَين شَيْء وَشَيْء من الْأُمُور فِي منظوم الْكَلَام ومنثوره وَمَا يتَعَلَّق بالتنجيم والطب وَالْفِقْه والنحو والصناعات الَّتِي هِيَ النساجة والصياغة وَالْبناء وَمَا أشبه ذَلِك فَإِذا ثَبت ذَلِك وَثَبت وُقُوع الْقُرْآن على الْوَجْه الَّذِي بَيناهُ ثَبت أَنه وَقع على وَجه انتقضت بِهِ الْعَادة فَجرى مجْرى قلب الْعَصَا حَيَّة واحياء الْمَوْتَى وَالْمَشْي على المَاء والهواء إِلَى آخر مَا ذَكرُوهُ فِي ذَلِك وَلَوْلَا أَن ذكره يُنَاقض مَا قصدت من الِاخْتِصَار لذكرته فَهَذَا أعظم الْآيَات لبَقَائه فِي أمة مُحَمَّد ﷺ وفناء آيَات الْأَنْبِيَاء فِي أعصارهم ﵈ وَلَكِن الله لما علم أَن النُّبُوَّة قد انْقَطَعت جعل هَذَا المعجز الْجَلِيل بَاقِيا على مر الدهور جَدِيدا على طول العصور
الْأَمر الثَّانِي مَا أَشَارَ إِلَيْهِ رَسُول الله ﷺ حَيْثُ قَالَ إِن الله يبْعَث لأمتي من يجدد لَهَا دينهَا رَأس كل مائَة عَام وَهَذِه إِشَارَة إِلَى مَا من الله تَعَالَى بِهِ على أهل الاسلام من الْأَئِمَّة الهداة للأنام ﵈ وَمن سَائِر الْعلمَاء الاعلام وَالصَّالِحِينَ الْكِرَام وَمِمَّا يَجْعَل الله تَعَالَى فيهم من الاسرار ويجدد بهم من الْآثَار ويوضح بهم من المشكلات وَيبين بهم
1 / 77