خُصُوصا مَعَ قدمه وتواتره فَإِن آدم ﵇ أول الْبشر وأبوهم نَبِي مُرْسل إِلَى أَوْلَاده ثمَّ لم تزل رسل الله ﷿ لترى مبشرين ومنذرين وعاضدين لفطرة الله الَّتِي فطر الْخلق عَلَيْهَا فَلَا أشفى وَلَا أَنْفَع من النّظر فِي كتبهمْ وآياتهم ومعجزاتهم وأحوالهم ثمَّ اعتضد ذَلِك بأمرين أَحدهمَا اسْتِمْرَار نصر الْأَنْبِيَاء فِي عَاقِبَة أَمرهم وإهلاك أعدائهم بِالْآيَاتِ الرائعة وَثَانِيهمَا سلامتهم واتباعهم ونجاتهم على الدَّوَام من نزُول الْعَذَاب عَلَيْهِم كَمَا نزل على أعدائهم وَلَا مرّة وَاحِدَة وَذَلِكَ بَين فِي الْقُرْآن وَجَمِيع كتب الله تَعَالَى وَجَمِيع تواريخ الْعَالم وَمن غريبها الَّذِي لَا يكَاد أحد ينظر فِيهِ حفظهم مَعَ ضعفهم من الأقوياء الاعداء وَأهل الْقُدْرَة مثل حفظ مُوسَى وَهَارُون من فِرْعَوْن مَعَ ظُهُور قدرته وَلذَلِك قَالَا ﴿إننا نَخَاف أَن يفرط علينا أَو أَن يطغى﴾ فَقَالَ الله تَعَالَى لَهما ﴿لَا تخافا إِنَّنِي مَعَكُمَا أسمع وَأرى﴾ وَكَذَلِكَ قَالَ نوح لِقَوْمِهِ ﴿يَا قوم إِن كَانَ كبر عَلَيْكُم مقَامي وتذكيري بآيَات الله فعلى الله توكلت فَأَجْمعُوا أَمركُم وشركاءكم ثمَّ لَا يكن أَمركُم عَلَيْكُم غمَّة ثمَّ اقضوا إِلَيّ وَلَا تنْظرُون﴾ وَنَحْو ذَا قَالَ هود لِقَوْمِهِ وَكَذَلِكَ قَالَ الله تَعَالَى لمُحَمد ﷺ ﴿قل ادعوا شركاءكم ثمَّ كيدون فَلَا تنْظرُون﴾ وَلما نزل عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالله يَعْصِمك من النَّاس﴾ ترك الحرس وَكَانَ يحرس قبل نُزُولهَا وقصة إِبْرَاهِيم ﵇ فِي ذَلِك أشهر وأبهر بل على هَذَا درج أهل الصّلاح ووضحت حماية الله لأهل الصدْق فِي التَّوَكُّل كَمَا وعد الله تَعَالَى بِهِ والمختصر لَا يحْتَمل إِلَّا الاشارة ثمَّ يفتح الله تَعَالَى على المتأمل وَمِنْهُم من كَفاهُ الله بالاسباب الظَّاهِرَة الحارقة مثل ملك سُلَيْمَان ﵇ واخدام الْجِنّ مَعَ الانس وتسخير الرّيح لَهُ وَجَمِيع مَا حكى عَنهُ فَهَذَا أَيْضا يدل على الله تَعَالَى أوضح الدّلَالَة حَيْثُ جمعت قدرته الباهرة خرق الْعَادَات فِي نصرتهم بالأسباب الْبَاطِنَة وَالظَّاهِرَة وَكَذَلِكَ عقوبات أَعدَاء الله الخارقة كمسخ أهل السبت قردة وبمثل ذَلِك
1 / 55