﴿يَا أَيهَا النَّاس إِن كُنْتُم فِي ريب من الْبَعْث فَإنَّا خَلَقْنَاكُمْ من تُرَاب ثمَّ من نُطْفَة ثمَّ من علقَة ثمَّ من مُضْغَة مخلقة وَغير مخلقة﴾ الْآيَات إِلَى قَوْله ﴿ذَلِك بِأَن الله هُوَ الْحق﴾ إِلَى ﴿وَأَن الله يبْعَث من فِي الْقُبُور﴾ وأبطل شُبْهَة الطبائعية بقوله من تُرَاب لِأَن آدم أَبُو الْبشر وأصلهم بالتواتر الضَّرُورِيّ لَا أَب لَهُ وَلَا أم فلزمت الْحجَّة وَبَانَتْ ووضحت وَللَّه الْحَمد وَالثنَاء والْمنَّة وَكَذَلِكَ الْآيَة الَّتِي فِي سُورَة الْمُؤمنِينَ من قَوْله ﴿وَلَقَد خلقنَا الْإِنْسَان من سلالة من طين﴾ إِلَى قَوْله ﴿فَتَبَارَكَ الله أحسن الْخَالِقِينَ﴾ وَقَالَ ﴿أَو لم ير الْإِنْسَان أَنا خلقناه من نُطْفَة فَإِذا هُوَ خصيم مُبين وَضرب لنا مثلا وَنسي خلقه﴾ وَمن ثمَّ قيل فكرك فِيك يَكْفِيك وَقد جمع الله تَعَالَى ذكر دلالتي النُّفُوس والآفاق فِي قَوْله تَعَالَى ﴿سنريهم آيَاتنَا فِي الْآفَاق وَفِي أنفسهم حَتَّى يتَبَيَّن لَهُم أَنه الْحق﴾ وَذَلِكَ أَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ وجودنا أَحيَاء قَادِرين عَالمين ناطقين سَامِعين مبصرين مدركين بعد أَن لم نَكُنْ شَيْئا وَأَن أول وجودنا كَانَ نُطْفَة قذرة مستوية الْأَجْزَاء والطبيعة غَايَة الاسْتوَاء بِحَيْثُ يمْتَنع فِي عقل كل عَاقل أَن يكون مِنْهَا بِغَيْر صانع حَكِيم مَا يخْتَلف أجناسا وأنواعا وأشخاصا
أما الْأَجْنَاس فَكَمَا نبه عَلَيْهِ قَوْله تَعَالَى ﴿وَالله خلق كل دَابَّة من مَاء فَمنهمْ من يمشي على بَطْنه وَمِنْهُم من يمشي على رجلَيْنِ وَمِنْهُم من يمشي على أَربع﴾ وَأما الْأَنْوَاع فنبه عَلَيْهَا بقوله ﴿ألم يَك نُطْفَة من مني يمنى ثمَّ كَانَ علقَة فخلق فسوى فَجعل مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذّكر وَالْأُنْثَى﴾ وَمِنْه ﴿ثمَّ سواك رجلا﴾ وَأما الْأَشْخَاص فبقوله تَعَالَى ﴿قتل الْإِنْسَان مَا أكفره من أَي شَيْء خلقه من نُطْفَة خلقه فقدره ثمَّ السَّبِيل يسره﴾ الْآيَات
1 / 46