وَأَن الله نَاصِر من ينصره وذاكر من يذكرهُ وَأَن سر رَسُول الله ﷺ فِي هَذِه الْأُمُور عَائِد على متبعيه وَنَصره شَامِل لناصريه وَلم أقصد بِهَذَا الْمُخْتَصر هِدَايَة أهل الْيَقِين التَّام من الْأَوْلِيَاء الْكِرَام أهل الْكَمَال فِي المعارف من الْعلمَاء الاعلام وَلَا هِدَايَة أَئِمَّة الْكفْر المعاندين لأهل الاسلام أما أهل الْكَمَال فِي الْعلم الَّذين بلغُوا مرتبَة الامامة الْكُبْرَى فِي علمي الْمَعْقُول وَالْمَنْقُول وَأهل الْيَقِين التَّام من الْأَوْلِيَاء الْكِرَام نفع الله بهم فَإِن مهْدي هَذَا الْمُخْتَصر إِلَى معارفهم كمهدي الحشف إِلَى هجرأ ونجران بل كمهدي الحضيض إِلَى أهل الدّرّ والعقيان وَإِن كَانَ قد ينزل عِنْد بَعضهم منزلَة فَاكِهَة الْبَادِيَة الطرية الْبَريَّة الَّتِي هِيَ من العلاجات الحضرية بريه فَإِنَّهَا قد تعجب أهل الْحَاضِرَة وَإِن كَانَت عَمَّا لديهم فِي النفاسة قَاصِرَة وَأما أَئِمَّة الْكفْر والسفه والتعلق بمذاهب الفلسفة فهم كمن استحكم الدَّاء عَلَيْهِ فَلَا تَنْفَعهُ الْأَدْوِيَة النافعة فالداعي لَهُم إِلَى حق حقائق الْإِيمَان وَإِن جَاءَ بأعظم برهَان فِي الْيَأْس مِنْهُم وَعدم الطمع فيهم كالداعي للعميان إِلَى النُّور وللأموات إِلَى الْخُرُوج من الْقُبُور وَكَيف الطمع فِي هِدَايَة قوم قد أَقَامَ رَبهم عَلَيْهِم الْحجَّة مرَارًا أَولهَا بخلقهم على الْفطْرَة وَثَانِيها بطول المهلة وَثَالِثهَا ببعثه الرُّسُل بالمعجزات الباهرة والآيات الظَّاهِرَة إِلَى غير ذَلِك من تَجْدِيد الدَّلَائِل بِخلق الْمَخْلُوقَات الْمشَاهد حدوثها من الْغَمَام والأمطار وَالْحَيَوَان وَالْأَشْجَار فجحدوا الْجَمِيع وَكَفرُوا الْكفْر الفظيع مَعَ إِيمَانهم بأبطل البواطل الَّتِي لَا يتَصَوَّر الْإِيمَان بِمِثْلِهَا من عَاقل حَتَّى قَالَ الله تَعَالَى فيهم ﴿وَلَو أننا نزلنَا إِلَيْهِم الْمَلَائِكَة وكلمهم الْمَوْتَى وحشرنا عَلَيْهِم كل شَيْء قبلا مَا كَانُوا ليؤمنوا إِلَّا أَن يَشَاء الله﴾ وَقَالَ تَعَالَى فيهم ﴿قتل الْإِنْسَان مَا أكفره﴾ الْآيَات وَقَالَ تَعَالَى ﴿فَبِأَي حَدِيث بعده يُؤمنُونَ﴾ ثمَّ أخبر عَنْهُم علام الغيوب أَنهم يجادلون فِي الْقِيَامَة بعد بَعثهمْ وعلمهم الضَّرُورِيّ بِصِحَّة الربوبية فيجحدون الْحق حَتَّى تشهد عَلَيْهِم جُلُودهمْ ثمَّ يَقُولُونَ بعد ذَلِك لم شهدتم علينا وَلذَلِك لم نؤمر
1 / 31