Istishraq
نقد الاستشراق وأزمة الثقافة العربية المعاصرة: دراسة في المنهج
Nau'ikan
1
هذه خطوط عامة لموضوع يحتاج قطعا إلى ما هو أكثر بكثير من هذه الإشارات العاجلة، ولكن موضوعنا الأصلي هو تحليل حركة النقد الموجهة إلى الاستشراق.
تحليل لحركة نقد الاستشراق (1)
أول سؤال نود أن نجيب عنه في هذا التحليل هو: لمن يوجه خطاب الاستشراق؟ هناك، من الوجهة النظرية، ثلاثة احتمالات: إما أنه يوجه إلى الغرب نفسه، أي إنه يستهدف تقديم الشرق بصورة منهجية - أيا كان نوع المنهج المستخدم - إلى الثقافة الغربية، وإما أنه يوجه إلى الشرق، أي أنه يستهدف تعريف الشرق بنفسه وبثقافته من خلال «توسط» الباحث الغربي، وإما أن له الهدفين معا. وفي رأيي أن الاحتمال الأول هو وحده الصحيح. فالمستشرقون يكتبون عن الشرق والعرب والإسلام لأبناء ثقافتهم، وليس من أهداف عملهم العلمي توصيله إلى الثقافة الشرقية وتعريفها بنفسها من خلاله. صحيح أن هذا الأمر الأخير يتحقق كأمر واقع، وأننا كشرقيين ننتفع من أعمال المستشرقين على نطاق واسع، ولكن هذا هدف غير مقصود.
فالاستشراق ليس فقط مبحثا «يرتبط بمصدره؛ أي الغرب، أكثر مما يرتبط بموضوعه، أي الشرق.»
2
وليس فقط نوعا من المعرفة وثيق الصلة بالحضارة المسيطرة التي أنتجته، وإنما هو أيضا مبحث «ينتمي» إلى الغرب وحده ويوجه إليه ويهدف إلى خدمته، أي إنه مرتبط بالغرب، لا من ناحية الأصل فقط، بل من ناحية الغاية أيضا.
ففي الاستشراق تخاطب الثقافة الغربية نفسها، أساسا، لكي تتعرف على الشرق وتتعامل معه. وتترتب على هذه الحقيقة البسيطة عدة نتائج هامة:
الأولى:
هي أننا لسنا ملزمين بقبول الصورة الاستشراقية لفكرنا ومجتمعنا، فمشكلة الاستشراق بأكملها يمكن التخلص منها، إذا أردنا، بالاستغناء عن كتابات المستشرقين، وترك الغرب نفسه يتحمل نتائج أية أخطاء أو تشويهات قد تكون متضمنة في هذه الكتابات. وكما أن الثقافة الغربية لا تقرأ ولا تتأثر في الغالب بالأحكام التي يصدرها عنها مصطفى محمود أو الشيخ شعراوي مثلا، ففي استطاعتنا نحن بفعل إرادي أن نتجنب أية أضرار أو تشويهات محتملة للفكر الاستشراقي بأن نستغني عنه بكل بساطة.
Shafi da ba'a sani ba