-214- عليه تعليم جميع دين الله جاز أن لا يكون مؤمنا حتى يعلم جميع دين الله ، وإذا جاز هذا جاز أن يكون في دين الله ما لا يطيقه العباد المكلفون من العباد ، وإذا جاز هذا جاز أن يكون الله غير حكيم في تدبير أمر دينه ، الذى تعبد به عباده ، وخرج هذا من حجة العقل ، إلى أمر النبيين والمرسلين ، والملائكة المقربين ، لأنهم لا يبلغون إلى جميع علم دين الله ، الذي هو في مكنون علمه ، إلا بما شاء أن يعلمهم منه وقتا بعد وقت ، وحينا بعد حين ، ولكان لا يجوز إلا أن يكون كل من تعبده الله بدينه عالما في حين ما تعبده الله به بجميع ما قد علم الله من أمر دينه ، الذي قد سبق في علم الله أن سيعلمه عباده ويتعبدهم به ، وهذا من المحال أن يكون في دين الله -تبارك وتعالى-.
فإن قال قائل : فاذا جاز أن لا يتعلم علم الوضوء للصلاة ، ولا يتعلم حدود الصلاة ولا تفسيرها ، وكان ذلك موضوعا عنه في قولكم ، وموضوعا عنه علم وجويها في وقتها وجميع أمورها، حتى يحضر وقتها ، فإذا حضر وقتها ، فما اللازم له من أمر دينه فيها من العلم لها ؟
قلنا له : إذا حضر وقت الصلاة التي قد تعبده الله بأدائها في وقتها ، ذلك الذي قد علمه الله ، وأعلمه أهل دينه الذين هم حجة على من هو مثلهم من المتعبدين من عباده ، وكان هذا المتعبد بذلك صحيح العقل ، بالغ السن بحضرته أحد من المعبرين ممن يعقل عنه في أمر الصلاة بعبارة ، أو يستدل منه فيها على إيماء أو إشارة كان عليه أن يسأل ذلك الحاضر له ، كائنا من كان ، عما يلزمه في أمر هذه الصلاة الحاضرة ، من حين وقتها ووضوئها وحدودها وإقامتها ، ما لا يسعه جهله ولا تركه في أمرها ، فإن أعلمه ذلك الذي بحضرته ، فعبر له أو أشار إليه ، أو أومأ إليه بشيء من أمر هذه الصلاة الحاضرة مما يعقله عنه ويعقل معانيه فيها من العبارة والإيماء والاشارة ، مما يدله على أمر جميع الصلاة الحاضرة ، أو أمر شيء منها من معرفة وقتها ووقت وجوبها وحدودها والوضوء فيها ولها ، وجميع ما لا يسعه جهله من
Shafi 215