198

Istiqama

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

Nau'ikan

-206- والكذب على الله وعلى رسوله وعلى دينه وأهل دينه من المسلمين .

فان قال قائل : فان حكم الجملة غير حكم تفسير الجملة ، وأن الجملة على العبد علمها ولو لم يسمع بها ولم يخطر بباله ولم يدع إيها ، وقد فطره الله على علمها، فليس له أن يجهلها لأنه قد فطر عليها .

قلنا له : لم يعلم أن الله كلف العباد شيئا من دينه ولا يطيقونه ، ومن زعم هذا فقد خرج من الإجماع ومن حكم الكتاب والسنة وحجج العقل .

فصل : ولا نعلم أن العبد يبلغ إلى علم شيء من الأشياء إلا بعقل صحيح من العاهات ، وسبب يؤدي إلى ذلك العقل الصحيح من الآلات ، ولا يقوم في العقل أن العقل يعقل الأشياء بغير آلة تؤدي إليه علم ما يعقله ، وعلم ما يعرفه أو ينكره ، ولا بد من آلة تؤدي إلى العقل ، من سمع أو نظر أو فكرة ، أو خاطر يخطر بالبال ولا يكسب العلم أبدا إلا بآلة ، لأن المعقولات كلها مكتسبات ولأن المكتسبات لا تجوز أن تكتسب إلا بآلات ، لأن العلم كله لا يخلو من علمين : علم غريزة مخلوقة وهو نور العقل الذي به يعقل المعقولات ، وعلم المادة من المكتسبات ، ولا بد للعلوم المكتسبات من بلوغ إلى العلم الذي هو غريزة مخلوق ، لأنه غيره ، فلما أن كان غيره لم يكن بد من اكتسابه له ، ولما أن صح أنه مكتسب لمكتسب لم يجز إلا أن تكون المكتسبات غير المكتسبات ، ولما أن كان كذلك صح أن المكتسبات محتاجات إلى ما اكتسبن له ، غير مستغنيات بأنفسهن عن المكتسبات ، لأن ذلك لا تفارقه الحاجة إلى غيره ، فمتى عدم ما لا تقوم إلا به لم يكن له صنع ولا حكم ، وصح أن المحتاجات المضرورات لا يقمن بأنفسهن على ما يكتسبن إلا بآلات غيرهن وغير المكتسبات ، هذا ما لا يجوز غيره في حكم الاجماع ، ولا نعلم أن أحدا قال غير هذا من أهل العلم من أهل الاستقامة ، في جميع المخلوقات وهذه صفة لا يصح لمخلوق محدث أن يقوم بنفسه في حال من الحال دون

Shafi 207