196

Istiqama

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

Nau'ikan

-204- مسموعات محسوسات متوهمات ، وكل معقول فخاطر من العقل بقرب المسموعات والمنظورات والمذكورات ، والمحسوسات والمتوهمات ، وليس كل معقول متوهم ، وكل متوهم معقول ، وليس بمعقول ما لا يجري عليه خاطر المعقولات ، فدين الله الذي تعبد به عباده في شريعة نبيه إلى أهل زمانه واحد ، والحكم فيه واحد والقول فيه واحد ، على الأصول الذي ثبتت أحكامه عند الله فيها في علمه -تبارك وتعالى- ، وهو من بعضه بعض ، وبعضه في بعض ، وبعضه ببعض وبعضه إلى بعض ، والعبد مأخوذ عليه الميثاق بجملته مذ لزمته كلفة التعبد ، وبلغ سنه وصح عقله ، ولوكان المتعبد بذلك من أولاد أهل الشرك ، وأولاد أهل التوحيد من أولاد المنافقين ، أو من أولاد الصادقين ، فالحكم عند الله - تبارك وتعالى - في دينه على عباده سواء ، ولا يكلف أحدا منهم من دينه فوق ما يكلف الآخر ، إلا بما قد خصه من الكلفة للحال التي بلغ إليها ، لوبلغ إليها الغير ، لزمه من ذلك ما قد لزمه ، فكل شيء سبق له حكم المحنة إلى العبد ، مذ بلغ وصح عقله ، كلفه الله من ذلك ما قد احتمله من الكلفة في دينه غيره من المكلفين ، وكلما تأخر له حكم المحنة عن العبد مذ بلغ سنه وصح عقله من جميع دين الله ، فغير مسؤول عنه ولا مكلف له من جميع دين الله من علم أو عمل أو ترك ، فان سبق إلى العبد محنة الانتهاء والترك من دين الله ، كلفه الله من التعبد في ذلك ، ما أطاقه وما احتملته طاقته ، ولا يكلفه فوق ذلك ، وكان عليه الانتهاء عنه وتركه ، ولو لم يبلغه محنة العلم من دين الله ، ولامحنة العمل بطاعة الله .

وكذلك إن سبق إلى العبد حكم المحنة بالعمل بطاعة الله في أوقاته اللازم له فيها العمل بتلك الطاعة ، في حكم ما أخذ عليه الميثاق به في دين الله ، كان عليه ذلك ، وكلفه الله من ذلك ما يطيقه ، وتحتمله طاقته ، ولا يكلف فوق ذلك .

فصل : وكذلك إن سبق إلى العبد حكم المحنة بالعلم من دين الله ،

Shafi 205