158

Istiqama

الاستقامة الجزء الثاني المصحح

Nau'ikan

-166- ولا يسلم من الكفر الا بالوصول الى سمائل وصحار ، ولا لمعنى من المعاني يراد به ، ولا يخرج في آثار المسلمين إلا على الهجرة ، لأن الهجرة كانت فريضة ، لا ينفع الايمان والإقرار بالدين دون الخروج إلى النبي صلى الله عليه وسلم والهجرة إليه الى المدينة ، لا ينكر ذلك أحد ، ولو آمن وأسلم وصلى وقام وتصدق وحج وتبرأ وتولى ، لم يقبل منه ذلك ولا ولاية له ولا حقيقة في الاسلام إلا بالهجرة .

كذلك كان ذلك صحيحا ثم نسخ ذلك عل لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم فتح مكة ، وأجمع على ذلك أهل القبلة لا نعلم اختلافا بينهم أنها منسوخة ، وأن نسخها إنما جرى عل لسان رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى انتحل ذلك نافع بن الأزرق أخزاه الله ، ومضى على ذلك يتابع الخوارج عل انتحال الهجرة ، وهم في ذلك مختلفون في ضلاللهم ، وذلك ضلال وبدعة ، ولم نعلم أن أحدا من أهل القبلة قال بقول الخوارج ، في الخروج الى أحد من الخلق ، ولا إلى أحد من البلدان ، ولا الى شيء من القرى ، إلا من لزمه الحج الى بيت الله الحرام ، فانه يخرج في أداء الحج الذي فرضه الله عليه عند الاستطاعة عليه ، ولايلزم ذلك عند العجز .

وكذلك كانت الهجرة الواجبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم كانت واجبة على من قدر على ذلك ، زائلة عمن لم يقدر بمنزلة من لم يقدر على الحج ولم يستطع الخروج إلى الهجرة عذر في ذلك .

وذلك قوله - تعالى - :( إن الذين توفاهم الملآئكة ظالمي أنفسهم قالوا فيم كنتم قالوا كنا مستضعفين في الأرض قالوا ألم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها فأولئك مأواهم جهنم وساءت مصيرا )(1). فوجب الوعيد على من لم يهاجر ، ثم رخص الله -تعالى- فقال :

-167-

__________

(1) - الآية 97 من النساء.

Shafi 167