" ومنها " أنه عمد إلى صلاة الفجر فجعلها بعد الإسفار والتنوير وظهور ضياء النهار فاتبع أكثر الناس بدعته هذه منذ ذلك إلى يومنا هذا، وزعم أنه فعل ذلك إشفاقا منه على نفسه في خروجه إلى المسجد في ذلك خوفا أن يقتل في غلس الفجر كما قتل عمر، وذلك أن جعل سربا تحت الأرض من داره إلى المسجد فقعد له أبو لؤلؤة في السرب فضربه بخنجر من صدره إلى بطنه، فلما ولي الأمر عثمان أخر صلاة الفجر إلى الإسفار فعطل وقت فريضة الله تعالى وحمل الناس على صلاتها في غير وقتها، وذلك أن الله تعالى يقول (أقم الصلاة لدلوك الشمس إلى غسق الليل وقرآن الفجر إن قرآن الفجر كان مشهودا) والفجر هو أول ما يبدو في المشرق من الضوء وعنده تجب صلاة الفجر فإذا علا الأفق وانبسط الضياء وزالت الظلمة صار صبحا وزال عن أن يكون فجرا وعند ذلك ينقضي آخر صلاة الفجر وتبدو الحمرة المشرقية فيصير عند ذلك نهارا، فقال عثمان فريضة الفجر من وقت الفجر إلى وقت النهار ودرج على هذه البدعة أولياؤهم إلى هذه الغاية، ثم تخرصت بنو أمية من بعده أحاديث أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم غلس بصلاة الفجر واسفر بها وقال للناس أسفروا بها فإنه أعظم لأجركم، فصار المصلي صلاة الفجر في وقتها من طلوع الفجر عند كثير من أوليائهم مبتدعا ومن ابتدع بدعة عثمان فهو على السنة. فما أعجب أمرهم في كل أحوالهم، سبحان الله كيف طبع الله على قلوبهم فهم لا يفقهون (ثم ختم عثمان بدعة) بأن أهل مصر شكوا عامله الذي كان عليهم وسألوه أن يصرفه عنهم أو يبعث رجلا ناظرا بينه وبينهم فوقع الاختيار على محمد بن أبي بكر رضوان الله عليه ناظرا وذلك أنه كان أحد من ينصر الحق ويأمر به ويقوم فيه وينهى عن مخالفته في أيام عثمان وأيام أمير المؤمنين عليه السلام، وكان أمره يثقل على عثمان ويؤذيه وكان عثمان يحب أن لو كفي أمر محمد بن أبي بكر بحيلة لفعلها فلما وقع الاختيار في نفوذه ناظرا بين أهل مصر وعامله أعجبه ذلك وأخرجه معهم، وكتب
Shafi 60