علم أنهما قد دخلا بذلك في أمر عظيم ومنكر جسيم وذلك أن البيت الذي قبر فيه رسول الله (ص) لا يخلوا من أن يكون من جملة التركة الموروثة أو للصدقة كما زعم المتخرصون أو أن يكون الرسول صلى الله عليه وآله وسلم استخلص ذلك لنفسه فقد قال الله تعالى في كتابه (لا تدخلوا بيوت النبي إلا أن يؤذون لكم) فالحال في ذلك بعده وفاته كالحال في حياته وليس معهم خبر يعرف عن الرسول (ص) بالإذن لهما في ذلك فهو قد عصى الله بدخوله إليه بغير إذن، ومن ختم عمله بالمعصية لله تعمدا مصرا فقد بارز الله بالعدوان وإن كان البيت داخلا في التركة فلا يخلو حال التركة من أن تكون كما زعموا صدقة أو أن يكون موروثا فإن كان صدقة فهو لجميع المسلمين شرق الأرض وغربها وليس لهما أن يغصبا شيئا هو للمسلمين عامة من غير رضا جميع المسلمين به ولو ادعى مدع رضا المسلمين به كان اجتماعهم على الرضا بذلك غير جائز لأن حكم الصدقة أنها لا تباع ولا توهب عندهم وفي قولهم لا يخلو حالهما في قبريهما من أن يكون اشتريا ذلك أو استوهباه وهذان الوجهان لا يجوزان في الصدقة عندهم، وإن كان البيت موروثا فليسا هما ممن يرث الرسول ص في حال من الأحوال. فإن ادعى جاهل بميراث ابنتيهما من الرسول (ص) فإنما كان نصيبها تسع الثمن لأن الرسول (ص) ترك تسع نسوة وولدا فلكل واحد من الأزواج تسع الثمن ومع ذلك فلم تقع قسمة من الورثة ولا الرضا منهم جميعا بذلك، مع ما فيه من تكفيرهما جميعا إذا منعا ورثة الرسول (ص) من التركة والميراث وزعموا أنه صدقة وكفى بهذا الحال خزيا وفضيحة ومقتا. وقد أجمعوا في روايتهم أن الرسول صلى الله عليه وآله وسلم قال كل محدثة بدعة وكل بدعة ضلالة وكل ضلالة في النار.
(فصل في ذكر بدع الثاني منهم) من بدع الثاني ما جرى منه في حدود الصلاة وما يتصل بها من أحكام الوضوء والأذان والإقامة وما يشاكل هذا الوجه.
Shafi 23