246

============================================================

تمل حديثك فإنك غير مهمل ولا متروك سدى، إجعل قلبك مثل هذا البيت المعمور بحضورك مع الحق في كل حال، واعلم أنه ما وسع الحق شيء ما رأيت سوى قلب المؤمن، وهو : أنت.

فعندما سمع صاحب النظر هذا الخطاب، قال: يا حرتي، على ما فرطت في جنب الله ، وأن كنث لمن الساخرين؛ وعلم ما فاته من الايمان بذلك الرسول واتباع سته، ويقول : يا ليتني لم اتخذ عقلي دليلا، ولا سلكت معه ال الفكر سبيلا، وكل واحد من هذين الشخصين بدرك ما تعطي الروحانيات العلى ، وما يسبح به الملأ الأعلى يما عندهما من الطهارة وتخليص النفس من اسر الطبيعة : وارتقم في ذات تفس كل واحد منهما كل ما في العالم، فليس يخبر إلا بما شاهده من نفسه في مرآة ذاته؛ فحكاية الحكيم ، الذي أراد أن يري هذا المقام للملك، فاشتغل صاحب التصرير الحسن بنقش الصور على ابدع نظام ، وأحسن اتقان؛ واشتغل الحكيم بجلاء الحائط الذي يقابل موضع الصور، وبيتهما ستر معلق مسدل؛ فلما فرغ كل واحد من شغله وأحكم صنعته فيما ذهب اليه، جاء الملك فوقف على ما صؤرء صاحب الصور، فرأى صررا بديعة يبهر العقول خسن نظبها وبسديع نقشها، ونظر الى تلك الأصبغة في حسن تلك الصنعة، فراى أمرا هاله منظره ؛ ونظر الى ما صنع الآخر من صقالة ذلك الوجه فلم ير شيأ ، فقال له : أيها الملك صنعتي ألطف من صنعته، وحكمتي أغض من حكمته، ارفع التر بخي ويينه ، حتى ترى في الحالة الواحدة : صنعي وصنعته؛ فرفع الستر، فانتقش في ذلك الجسم الصقيل جميع ما صوره هذا الآخر بألطف صورة ، مما هو ذلك في فسه، فتعجب الملك، ثم ان الملك رأى صورة نفسه وصورة الصاقل في ذلك الجسم، فحار وتعجب، وقال : كيف يكون هكذا؟ فقال : أيها الملك ضريته لك مثلا لنفسك، مع صور العالم ، اذا انت صقلت مرآة نفسك بالرياضات والمجاهدات حتى تزكو وأزلت عنها صدأ الطبيعة وقابلت بمرآة ذاتك صور العالم، انتقش فيها جميع ما في العالم كله : والى هذا الحد ينتهي صاحب النظر، واتباع الرسل وهذه الحضرة الجامعة لهما، ويزيد التابع على صاحب النظر بأمور لم تنتقش في العالم جملة واحدة، من حيث ذلك الوجه الخاص الذي لله في كل نك تحدث ما لا ينحصر ولا ينضبط ولا يتصور، يمتاز به هذا التابع عن صاحب النظر؛ ن هذه السماء يكون الاستدراج الذي لا يعلم ، والمكر الخفي الذي لا يشعر به..

ومن هله السماء يعلم أن كل ما سوى الانس والجان سعيد لا دخول له في الشقاء الأخروي، الانس والجان منهم شقى وسعيد.

ومن هنا يعرف تفضيل خلق الانسان وتوجه اليدين على خلق آدم دون غيره من المخلوقات ، ويعلم أنه ماثم جن من المخلوقات ، إلا وله طريقة واحدة في الخلق، لم تتنوع عليه صنوف الخلق تنوعها على الإنسان، فإنه تنوع عليه الخلق : فخلق آدم تخالف خلق حواء، وخلق حواه يخالف خلق عيسى، وخلق عيسى يخال خلق سائر بني آدم ، وكلهم انسان .

فإذا علم هذه المعاني، ووقف على ابوة الاسلام أراد صاحب التظر القرب منه، فقال إبراهيم للتابع : من هذا الأجبي معك ؟ فقال : هو آخي قال : أخوك من الرضاعة، أو أخوك من النسب؟ فقال : أخي من الماء . قال : صدقت لهذا لا أعرفه . لا تصاحب إلا من هو أخوك من 14

Shafi 246