196

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

الفقه الإسلامي وأدلته للزحيلي

Mai Buga Littafi

دار الفكر-سوريَّة

Bugun

الرَّابعة المنقَّحة المعدَّلة بالنِّسبة لما سبقها (وهي الطبعة الثانية عشرة لما تقدمها من طبعات مصورة)

Inda aka buga

دمشق

Nau'ikan

أما المالكية فقالوا: اليمين على نية المستحلف، ولا تقبل نية الحالف؛ لأن الخصم كأنه قبل هذه اليمين عوضًا عن حقه، ولأنه ثبت أن رسول الله ﷺ قال: «اليمين على نية المستحلف» وفي رواية: «يمينك على ما يصدقك به صاحبك» (١).
والمعول عند الحنفية: أن اليمين على نية المستحلف، إلا إذا كانت اليمين بالطلاق أو العتاق ونحوهما، فتعتبر نيةالحالف إذا لم ينو خلاف الظاهر، ظالمًا كان الحالف أو مظلومًا. وكذلك إذا كانت اليمين بالله تعالى، وكان الحالف مظلومًا، فإنه تعتبر نية الحالف أيضًا. والظالم: من يريد بيمينه إبطال حق الغير.
وذهب الحنابلة وفي رواية عن أبي حنيفة: إلى أن من حلف، فتأول في يمينه، أي قصد بكلامه محتملًا يخالف ظاهره، فله تأويله إن كان مظلومًا، ولم ينفعه تأويله إن كان ظالمًا. قال ابن نجيم: والفتوى في مذهب الحنفية على اعتبار نية الحالف إن كان مظلومًا، لا إن كان ظالمًا، لكن بشرط كون اليمين بالله تعالى، فإن كان بطلاق أو عتاق لا اعتبار بنية الحالف مطلقًا كما بينا.
والمقرر لدى الشافعية: أن العبرة في اليمين بنية الحالف؛ لأن المقصود من الأيمان هو المعنى القائم بالنفس، لا ظاهر اللفظ.
واختلف الفقهاء أيضًا في تفسير المقصود بالمحلوف عليه في اليمين، فهل تبنى الأيمان على النية أو العرف أو صيغة اللفظ (٢)؟
فذهب الحنفية: إلى أن الأيمان مبنية على العرف والعادة، لا على المقاصد

(١) أخرج مسلم وابن ماجه هاتين الروايتين عن أبي هريرة. وأخرج أحمد وأبو داود والترمذي وابن ماجه الرواية الثانية (جامع الأصول: ٣٠٧/ ١٢).
(٢) الأشباه لابن نجيم: ص٥٧، وللسيوطي: ص٤٠، رسائل ابن عابدين: ٢٩٢/ ١، بداية المجتهد: ٣٩٨/ ١ ومابعدها، الاعتصام للشاطبي: ١٤١/ ٢، مغني المحتاج: ٣٣٥/ ٤، المغني: ٧٦٣/ ٨.

1 / 211