ولقد قالها أبو سفيان لهرقل، حين سأله:
هل كنتم تتهمونه بالكذب قبل أن يقول ما قال؟
فقال له: لا.
قال: فهل يغدر؟
فقال له: لا١.
لقد وقفوا منه موقف الخصم الفاجر، وقلبوا له جميع الاتهامات إلا الكذب والغدر، لقد شهدوا له بالأمانة والصدق، وتأكدوا من سموا أخلاقه، وحتى مع نذالتهم هم في خصومتهم معه كانوا يتركون ودائعهم عنده بعد أن آذوا أصحابه، وحبسوه ثلاثة أعوام في شعب بني هاشم وأرادوا قتله، وكانت مع كل هذه المواقف المتغطرسة في لجاجة الباطل من جانبهم كانوا يتأكدون أنه الأمين الصادق وكانت ودائعهم عنده، وخلف عليا ﵁ في فراشه ليلة الهجرة ليرد ودائعهم إليهم.
يقول ابن هشام:
"أما علي فإن رسول الله ﷺ فيما بلغني، أخبره بخروجه، وأمره أن يتخلف بعده بمكة حتى يؤدي عن رسول الله ﷺ الودائع التي كانت عنده للناس، وكان رسول الله ﷺ ليس بمكة أحد عنده شيء يخشى عليه إلا وضعه عنده لما يعلم من صدقه وأمانته ﷺ"٢.
١ راجع فتح الباري ج١ ص٣٨.
٢ ابن هشام ج١ ص٤٨٥ راجع الرسالة المحمدية للعلامة السيد سليمان الندوي ص٧٢.