Islam da Al'adun Larabawa
الإسلام والحضارة العربية
Nau'ikan
53
فيهم كالشرع المتبع؛ لشرفه فيهم ومحلته عندهم وكرمه عليهم، وإذ كانت قريش ترى أن من مصلحة بلادها أن ينصفوا الناس؛ لأنهم في حاجة إلى جلبهم لزيارة البيت وترويج التجارة، كانوا يعنون برفع الظلم عن الغريب عنهم و«حين كثر فيهم الزعماء وانتشرت الرياسات وشاهدوا من التغالب والتجاذب ما لم يكفهم عنه سلطان قاهر، عقدوا بينهم حلفا على رد المظالم وإنصاف المظلوم من الظالم.» واجتمعت بطون قريش في بيت عبد الله بن جدعان على رد المظالم بمكة، وكان الرسول معهم وهو ابن خمس وعشرين سنة فعقدوا حلف الفضول، فقال الرسول ذاكرا للحال: «لقد شهدت في دار عبد الله بن جدعان حلف الفضول، أما لو دعيت إليه في الإسلام لأجبت، وما أحب أن لي به حمر النعم وأني نقضته، وما يزيده الإسلام إلا شدة.»
وكان الداعي إلى عقد حلف الفضول أن هاشما
54
وزهرة وتيما دخلوا على عبد الله بن جدعان فتحالفوا بينهم على دفع الظلم وأخذ الحق من الظالم، سمي بذلك؛ لأنهم تحالفوا أن لا يتركوا عند أحد فضلا يظلمه أحد إلا أخذوه له منه. وقيل: سمي به تشبيها بحلف كان قديما بمكة أيام جرهم على التناصف والأخذ للضعيف من القوي والغريب من القاطن، وسمي حلف الفضول؛ لأنه قام به رجال من جرهم كلهم يسمى الفضل: الفضل بن الحرث والفضل بن وداعة والفضل بن فضالة، فقيل: حلف الفضول جمعا لأسماء هؤلاء، كما يقال: سعد وسعود، وقيل: إنه سمي بذلك؛
55
لأنه لما تداعت له قبائل قريش كره ذلك سائر المطيبين والأحلاف بأسرهم وسموه حلف الفضول عيبا له وقالوا: هذا من فضول القوم على اختلاف في أصل الاسم. وهذا الحلف كان عقده المطيبون وهم خمس قبائل، وقيل ست قبائل، وهم: عبد الدار وكعب وجمح وسهم ومخزوم وعدي سموا الأحلاف؛ لأنهم لما أرادت بنو عبد مناف أخذ ما في أيدي بني عبد الدار من الحجابة والرفادة واللواء والسقاية وأبت بنو عبد الدار، عقد كل قوم على أمرهم حلفا مؤكدا على أن لا يتخاذلوا فأخرجت عبد مناف جفنة مملوءة طيبا فوضعتها لأحلافهم وهم: أسد وزهرة وتيم في المسجد عند الكعبة، فغمسوا أيديهم فيها وتعاقدوا ثم مسحوا الكعبة بأيديهم توكيدا فسموا المطيبين، وتعاقدت بنو عبد الدار وحلفاؤهم حلفا آخر مؤكدا على أن لا يتخاذلوا فسموا الأحلاف.
ولم تكن العرب تملك عليها في الجاهلية أحدا، فإن كان حرب اقترعوا بين أهل الرياسة، فمن خرجت عليه القرعة أحضروه صغيرا كان أو كبيرا، فلما كان يوم الفجار
56
اقترعوا بين بني هاشم، فخرج سهم العباس وهو صغير فأجلسوه على المجن ويسمى ذلك حلوان النفر، ولم يكونوا يسودون عليهم في الجاهلية
Shafi da ba'a sani ba