Islam da Al'adun Larabawa
الإسلام والحضارة العربية
Nau'ikan
61
أجل الدين المستحق، وهو أخذ الزيادة في المال لأجل تأخير ما في الذمة منه، ويكون من شأنه أن يتضاعف، ويخرب البيوت ويفسد العمران، ويبطل فضائل التراحم والتعاون بين الناس،
62
أما ربا الفضل فلا ضرر فيه؛ ولذلك اضطر الفقهاء إلى القول بأن تحريمه تعبدي لا يعقل معناه، وقال الزجاج في تفسير قوله تعالى:
وما آتيتم من ربا ليربو في أموال الناس فلا يربو عند الله ، يعني به دفع الإنسان النسيء ليعوض أكثر منه فذلك في أكثر التفسير ليس بحرام، ولكن لا ثواب لمن زاد على ما أخذه. والربا ربوان: فالحرام؛ كل قرض يؤخذ به أكثر منه أو تجر به منفعة، وما ليس بحرام: أن يهب ما يستدعي به أكثر منه أو يهدي ليهدى له أكثر منها، والربا محرم في الشرائع الثلاث؛ حرم في التوراة والإنجيل والقرآن، واليهود تحرمه تحريما قطعيا شبيها بتحريم الإسلام، إلا أن التحريم مقصور على معاملات اليهود بعضهم مع بعض، والإسلام جامع شامل عام، وحكم النصرانية قابل للتأويل،
63
وأجازت القوانين العقلية القرض بدون ربح ولا فائدة، وأجازت التعاقد على الربح والفائدة إلى حد معين، منعا للربا الفاحش، وحرمت ربا الربا إلا في معاملات تجارية مخصوصة ضيقت فيها بقدر الإمكان، وأجازت للدائن المطالبة بربح المال الذي يتأخر المدين في أدائه، ولو لم يتفق معه على ربح. «كان
64
القرض من جملة التبرعات التي تعد من أعمال البر والإحسان، كما كان حسن القضاء وإيفاء الدين من جملة المعاملات الحسنة؛ فكان المدين يمشي إلى صاحب الحق لأداء الدين بلا تقاض ولا مطالبة ويسلمه أجود مما عليه، ويزيد عليه زيادة فضل، لكنه غير مشروط ولا ملاحظ، فحث عليه الشارع وحبذه، وجعل ثوابه أعظم من ثواب الصدقة، فقال عليه الصلاة والسلام: «الصدقة بعشر أمثالها، والقرض بثمانية عشر»؛ لأن الصدقة تقع بيد المحتاج وغير المحتاج، والقرض لا يقع إلا بيد المحتاج، كما حبذ حسن القضاء وحث عليه، فقال: «خيركم أحسنكم قضاء»، فكان الأقدمون يتسابقون لذلك قرضا واستقراضا كما يتسابقون لأعمال البر والمعروف، فما لبثت زمنا حتى انقلب هذا الإحسان وعمل المعروف إلى متجر لتنمية المال بأسوأ الطرق، وأقبح السبل المؤدية إلى الإضرار بالناس وإتلاف مالهم وإخراجه من أيديهم مجانا بلا رعاية جانبه أصلا، وهو الربا الذي عرفه الشرع الأقدس أنه فضل مال خال عن عوض بالكيل والوزن مشروط لأحد المتعاقدين، فكان الدائن إذا بلغ الدين محله زاد في الأجل فيستغرق بالشيء الطفيف مال المدين بلا مسامحة ولا حط، وهو الأضعاف المضاعفة التي حرمت بالنص ، قال تعالى:
يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا الربا أضعافا مضاعفة واتقوا الله لعلكم تفلحون ، فلم يدرك الغرب مضرته، بل رآه سهل المأخذ، كثير المغنم، ينمو بسرعة فاتخذه وسيلة للثروة، وسببا للعمران، وندد على الإسلام بتحريمه، وجعل تركه سببا للانحطاط، ولم يدرك أن هذه الثروة التي بنيت على أساس الجور والعسف تضمحل بسرعة كما تحصلت بسرعة، وهذا النمو السريع يعقبه اضمحلال سريع ويدهمه المحق المشاهد:
Shafi da ba'a sani ba