Islam da Al'adun Larabawa

Muhammad Kurd Ali d. 1372 AH
187

Islam da Al'adun Larabawa

الإسلام والحضارة العربية

Nau'ikan

الاستعمار الهولاندي والإنجليزي والفرنسي وغيره

واغتنم الهولانديون فرصة استيلاء إسبانيا على البرتقال

9

فأنشأوا لهم في الشرق الأقصى مستعمرة عظيمة، بقي لهم منها إلى اليوم جزائر ماليزيا «الملايو» العظيمة «جاوة وسمطرة»، استثمروها على طرائق هدتهم تجار بهم إليها، فكانوا يبدلون الحسن بالأحسن إذا أيقنوا أنه أنجع لهم، فأبانوا في ذلك عن ذكاء عظيم ومرونة غريبة، وكانت بحريتهم التجارية في القرن السابع عشر أكبر بحرية لدولة أوربية، ومستعمراتهم تجارية يتجر فيها من يحب، وشركة الهند الهولاندية أو شركة البلاد البعيدة التي أنشئت سنة 1599 هي التي استولت على هذه المستعمرات وأخذتها من البرتقال،

10

وساعد الهولانديين على رسوخ أقدامهم

11

في بحر الهند أثر الكراهة الذي بقي في نفوس أهل الهند والصين من البرتقاليين، ولم تلبث هذه الكراهة أن تناولت الهولانديين؛ لأنهم لما قويت سواعدهم مالت نفوسهم إلى الظلم والقسوة، وأصبح ما كانوا يظهرونه من اللطف واللين والدعة في خبر كان، بعد أن استعانوا بهذه الصفات والمحامد على الحلول محل خصومهم البرتقاليين.

وكان من الاضطهاد الديني في إنجلترا أن هاجر كثير من أبنائها أوائل القرن الثامن عشر إلى أميركا الشمالية، ونزلوا شواطئ الأطلنطي ينشئون مستعمرات مهمة تألفت بأخرة من مجموع ولاياتها جمهورية الولايات المتحدة، مستقلة عن الحكم الإنجليزي، وأصبحت في القرون التالية من أعظم دول الأرض علما وغنى؛ وذلك لأنها فتحت صدرها للمهاجرين من كل أمة، وقرضت الزنوج سكان البلاد؛ فلم يبق منهم إلا ما يشبه بقايا الوشم في ظاهر اليد، فزاد إحصاء سكانها في مائة سنة على مائة مليون من البشر، وهذا من أنجع ضروب الاستعمار المدني مملوء بكثير من الحساب للعواقب، والنظر البعيد في تمثل الأجناس المختلفة، لا يكاد يسمع بمثله فيما سلف من الأعصار. دخلت عناصر كثيرة في البوتقة الأميركية «فتأمركوا»، ثم بدا لأميركا أن تحدد عدد المهاجرين إليها، وكان من جملة الأسباب التي حملتها على ذلك أن الصقالبة (السلافيين) والبلقانيين من أعصى الأمم على التمثل والتمثيل.

واعتبر الإنجليز بما جرى لهم في أميركا من نفض أيدي أبناء جلدتهم من أيديهم، فما فرطوا بعد ذلك ولا أفرطوا، وكانوا أرسلوا إلى الهند شركة تجارية سموها شركة الهند الشرقية، فاستولت بعد مدة بلطيف حيلتها على الهند، أغنى مستعمرة في الأرض، وعرف الإنجليز من أين تؤكل الكتف، فجروا في استعمار الهند وأوستراليا وجنوبي إفريقية على أساليب فيها المرونة كلها والدهاء الجملي والتفصيلي، فكانوا لا يتلكئون في عامة مستعمراتهم عن تغيير طرائقهم السياسية والإدارية والتجارية، بما توحي إليهم تجاربهم. وبعد ثورة السباهي سنة 1857 وهي التي كادت تخرج إنجلترا من الهند، وضعت صورة إدارة كانت أساسا للإمبراطورية الهندية، وهو عمل إداري لم توفق إليه أمة، ولم يخطر

Shafi da ba'a sani ba