Islam Sharikan
الإسلام شريكا: دراسات عن الإسلام والمسلمين
Nau'ikan
وقد عثرت على حالة واحدة نسب فيها الحديث السابق إلى زيد بن أرقم لا إلى بريدة، كما وجدت حديثا آخر به توجيهات مماثلة للرسول عليه الصلاة والسلام وذلك برواية سلمان الفارسي.
19
وهناك فقرة من كتاب الخراج «لأبي يوسف»
20
ترد بها تلك التوجيهات بصورة مبسطة ولا تنسب للرسول عليه الصلاة والسلام بل لعمر بن الخطاب رضي الله عنه، كما أنها ليست برواية بريدة بل برواية ابنه سليمان الذي يذكر اسمه في بعض الروايات الكاملة لتلك التوجيهات بعد اسم أبيه مباشرة. والرواية المنسوبة إلى عمر بن الخطاب تعرض على الكفار الخيارات الثلاثة المذكورة نفسها في الحديث الذي تنسب روايته لبريدة، وذلك دون ذكر للبدو. ومن المرجح أن رواية أبي يوسف تقدم النص الأصلي، الذي نسب فيما بعد إلى النبي عليه الصلاة والسلام لإضفاء المصداقية عليه، كما أنها تلقي الضوء على أولئك الذين دخلوا في الإسلام ورفضوا الهجرة حينما تقارنهم بالبدو المسلمين.
والواقع أن المناقشة الفقهية التي يثار فيها الجدل حول وضع البدو المسلمين لا تتطرق للتوجيهات الخاصة بالجهاد، وإنما تهتم بمناقشة الحق في الحصول على نصيب من ذلك النوع من الغنيمة الذي يطلق عليه اسم «الفيء»، أي الموارد التي تأتي من البلاد التي فتحها المسلمون وتوزع عليهم في صورة «عطاءات» منتظمة. وقد كان أول من نظم توزيع هذه العطاءات هو الخليفة عمر بن الخطاب رضي الله عنه الذي أمر بإثبات أسماء المستحقين لها في قوائم سميت بالدواوين
21 (جمع ديوان)، ومع أن عمر بن الخطاب ينسب إليه أنه وضع المبدأ القائل بحق جميع المسلمين في تلك العطاءات،
22
فمن السهل أيضا القول إن ذلك المبدأ لم يدخل أبدا حيز التنفيذ. والتعبير العام عن هذه المناقشة الفقهية يمكن أن نلتمسه فيما قيل فيها عن المعيار الذي حل محل الهجرة لبيان أحقية شخص في أن يكون عضوا كاملا في الجماعة الإسلامية أو في «الأمة»، وذلك بعد أن أبطل فتح مكة معيار الهجرة مصداقا للعبارة المشهورة: لا هجرة بعد الفتح. ومن ثم كان من السهل على من يريد أن يكون عضوا كاملا في الأمة أن يعلن أن إسلامه كاف لتحقيق ذلك الغرض،
23
Shafi da ba'a sani ba