Musulunci a Karni na Ashirin: Yanayinsa da Makomarsa
الإسلام في القرن العشرين: حاضره ومستقبله
Nau'ikan
ولم تمض على هذا الاتفاق سنة واحدة حتى كان الشاه الجديد «محمد علي» ألعوبة في أيدي الروس؛ لأنه آثر الخضوع للدولة الأجنبية على الخضوع لأحكام الدستور.
فأغلق المجلس، واعتقل أعضاءه وأنصاره، وأعلن الحكم العرفي، وأمعن في المتظاهرين تقتيلا وتشريدا، واستعان بالجيش الروسي على قمع الثوار في تبريز، وكانت قوتهم فيها غالبة على قوة الشاه.
ثم اغتنمت إنجلترا الفرصة فعملت على إنشاء الشركة الإنجليزية الفارسية لاستغلال امتياز دارسي باستخراج النفط في جزيرة عبدان، واشتد غليان الشعور الوطني فهجم الزعيم البختياري علي قولي خان على طهران وخلع الشاه، ثم ظهرت السياسة الأمريكية في الميدان فقدم إلى طهران مستر مورجان شستر
Shuster
بطلب من المجلس؛ لتنظيم الإدارة المالية، وافتتح عمله بإنشاء فرقة عسكرية في خدمة الخزانة، وتطمين إنجلترا بدعوة ضابط بريطاني لقيادة تلك الفرقة، فأطلقت روسيا الشاه من مأواه وأرسلته إلى «إستر أباد» وأغارت على الشمال منذرة المجلس بالتقدم إلى الجنوب إن لم يبادر إلى طرد شستر ومرءوسيه؛ فرفض المجلس إنذارها، وأصر على استبقائه، وظهرت فجأة في طهران جماعة من الرؤساء ذوي النفوذ بين القبائل؛ فأغلقوا المجلس، وقبضوا على أزمة الحكومة ومن ورائهم قوة الدولة الروسية، وظلت فارس في قبضة الروس إلى ما بعد إعلان الحرب العالمية الأولى.
مراكش
كانت مراكش في بداءة عصر الاستعمار أول هدف للمستعمرين؛ لأنها كانت على أقرب نظرة من دول الاستعمار في أوروبا الغربية، وكانت في الزاوية المقابلة لأوروبا الغربية تشرف على البحر الأبيض وعلى المحيط الأطلسي؛ فكانت في هذا الموقع مطمح الأنظار أمام فرنسا وإسبانيا وإنجلترا، ولكن فرنسا لم تتقدم إليها؛ لأنها كانت مشغولة بحروبها في القارة، وكانت تعلم أن إنجلترا لا تطيق دولة كبيرة على العدوة المقابلة لجبل طارق، وإسبانيا وصلت إلى أوائل القرن التاسع عشر وهي تلهث من الإعياء وتكاد بعد تنازع طلاب الملك فيها أن تصبح في عداد المستعمرات الخاضعة لغيرها. أما إنجلترا فكان جبل طارق يغنيها في ذلك الموقع عن العدوة الأفريقية، وكان همها أن تبقي مراكش في يد أبنائها وفي حوزة حكومة لا تقوى على منازعتها، وكانت وجهتها الأولى أن تحتل البحر الأبيض من شرقه عند مجاز التجارة الهندية، فلم تشأ أن تحسب عليها مراكش بدلا كبيرا في سوق المساومات الاستعمارية، واتفق بعد ظهور ألمانيا في ميدان الاستعمار وانتصارها على فرنسا أن المسألة بحذافيرها طرحت على مائدة المؤتمرات الدولية، فتفاهمت فرنسا وإنجلترا على التعاون المشترك في قضيتي مراكش ومصر، واستقر الرأي على تقسيم مراكش بين فرنسا وإسبانيا والمنطقة الدولية.
وقد بدأ القرن التاسع عشر ومراكش على شيء من القوة بالقياس إلى بلاد إفريقية الشمالية، فتصدى زعماؤها لمقاومة الفرنسيين بالجزائر بعد أن سلمت الدولة العثمانية بمركز الفرنسيين فيها، وزحف الجيش المراكشي إلى تلمسان مستثيرا قبائل العرب والبربر في طريقه، واستطاع «أبو معزى» المراكشي أن يقتحم الجزائر بعد احتلالها بخمس سنوات، ولم يتمكن القائد الفرنسي من مقاومته إلا بنجدة قوية جاءته من فرنسا، ولكن سلطان مراكش لم ينقطع عن مناوشة فرنسا بعد هزيمة أبي معزى وأسره، إلى أن تلاقى الجيش المحتل وجيش السلطان في سنة 1844؛ فمنيت جيوش السلطان بهزيمة منكرة اضطربت لها جوانب المغرب، ونبهتها من غفلتها؛ فنهضت لإصلاح الجيش، وتثمير المرافق الوطنية، ووافق ذلك قيام السلطان «مولاي الحسن» بالملك - وهو من أقدر سلاطين المغرب - فأحسن التصرف في مواجهة الدول المستعمرة والاستفادة من تنافسها وتنازعها، وأدخل الأساليب العصرية على دواوين الحكومة ومعامل الصناعة ومدارس التعليم، وأكثر من إيفاد البعثات إلى جامعات الغرب؛ لتخريج الخبراء في الشئون الفنية والعسكرية، ومن فضائح الاستعمار: أن الدول الموقعة على معاهدة مدريد احتجت عليه حين اتصل بالآستانة لمثل هذا الغرض، واعتبرت ذلك منه اشتراكا في حركة دينية معادية لا تنظر إليها بعين الارتياح والاطمئنان، واستنكرت تجديد العلاقة بين حكومة الآستانة وحكومة طنجة، والتمهيد لتبادل السفارات بينهما؛ لأنه يغير الوضع السياسي الذي اتفقت تلك الدول على أن تلاحظ فيه بقاء الحالة الراهنة.
ولم ينته القرن التاسع عشر حتى كانت دول الاستعمار في موقف يسمح لها بالتفاهم على هذه القضية العسيرة. فبريطانيا تحسب حساب اليقظة الوطنية في مصر فتجنح إلى مسالمة فرنسا، وفرنسا تسترضي إيطاليا وتعدها بالإغضاء عن مطامعها في ليبيا، والنمسا تطمع في بلاد البشناق من تراث الدولة العثمانية، وألمانيا تعلم أن الحرب العالمية دون وصولها إلى مقام في المغرب الأقصى؛ لمعارضة إنجلترا وفرنسا، وترضى بنصيبها في الكونغو وبلاد التوجو من القارة الأفريقية.
وفي هذه الأثناء توفي السلطان الحسن وخلفه السلطان عبد العزيز، والمغرب الأقصى في أشد مآزقه وأحوجها إلى الحزم والحنكة، فعبث في مقام الجد وسوأ سمعته في العالم الإسلامي فضلا عن العالم الأوروبي بما كان يشتغل به - أو يتلهى به على الأصح - من سفساف الأمور، وأرسل إلى مصر وغيرها في طلب المغنيين والراقصات، وأطمع الدول في العدوان على بلاده بهزله وغرارته، فانعقد مؤتمر الجزيرة (سنة 1906) في أسوأ الظروف بالنسبة إلى المغرب، وشهده مندوبون من قبل السلطان وافقوا على ما تقرر فيه باتفاق الدول التي اشتركت فيه، وعدتها بضع عشرة دولة، وكانت قرارات المؤتمر في ظاهرها مؤيدة لاستقلال مراكش وسيادتها، ولكنها ناطت بفرنسا مهمة الحراسة وتنظيم إدارة الشرطة، فكان هذا الاعتراف بالاستقلال والسيادة من قبيل اعتراف إنجلترا وروسيا باستقلال إيران ذودا للدول الأخرى عنها وانفرادا بالنفوذ فيها، ومعنى الحراسة الفرنسية مع هذا الاستقلال: هو إطلاق يد فرنسا شيئا فشيئا في البلاد، وتحريم التعرض لها على غيرها.
Shafi da ba'a sani ba